كتاب فتاوى يسألونك (اسم الجزء: 4)

ومما يدل على أن الطاعة تكون في المعروف ما ثبت في الحديث الصحيح عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية وأمَّر عليهم رجلاً من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه. فغضب عليهم وقال: أليس قد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تطيعوني؟
قالوا: بلى. قال: عزمت عليكم لما جمعتم حطباً وأوقدتم ناراً ثم دخلتم فيها. فجمعوا حطباً فأوقدوا ولما هموا بالدخول نظر بعضهم إلى بعض، فقال بعضهم: إنما تبعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراراً من النار أفندخلها؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها أبداً إنما الطاعة في المعروف) رواه البخاري.
وجاء في حديث آخر عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا طاعة لأحد في معصية الخالق) رواه احمد والبزار وقال الحافظ ابن حجر: وسنده قوي. فتح الباري 5/ 241، وقال الألباني: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وجاء في رواية أخرى: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وهي رواية صحيحة. راجع سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ الألباني 1/ 137 - 144.
إذا ثبت هذا فأقول إن على المسلم الذي يعيش في ديار غير المسلمين أن ينظر وأن يقيس الأمور بمقياس الشرع فإذا كان ما ألزم به من أنظمة وقوانين تلك البلاد لا يعد معصية فلا بأس أن يعمل بها وأما إن كان في ذلك معصية ومخالفة واضحة لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فتحرم عليه الطاعة.
قال الحافظ ابن حجر: (فإذا داهن فعليه الإثم ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض) فتح الباري 5/ 241.
وأوضح الأمر بمثال عملي مما يتعرض له المسلمون في بعض البلاد الغربية فقد ألزمت بعض المؤسسات التعليمية في إحدى الدول الغربية الفتيات المسلمات بخلع الجلباب الشرعي ومنعتهن من الدخول إلى تلك المؤسسات إلا باللباس الذي يظهر العورة ولا يستر البدن.

الصفحة 470