كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 10 """"""
إسحاق : وصفك والله يا أمير المؤمنين لشعري أحسن منه ، فعلام آخذ الجائزة فضحك الرشيد وقال : اجعلوها مائة ألف درهم . قال الأصمعي : فعلمت يومئذٍ أن إسحاق أحذق بصيد الدراهم مني .
قال أبو العبد بن حمدون : سأل المتوكل عن إسحاق ، فعرف أنه كف وأنه بمنزله ببغداد ، فكتب في إحضاره . فلما دخل عليه رفعه حتى أجلسه قدام السرير وأعطاه مخدة وقال : بلغني أن المعتصم دفع إليك في أول يومٍ جلست بين يديه مخدةً ، وقال : إنه لا يستجلب ما عند حرٍ مثل إكرامه . ثم سأله : هل أكل ؟ فقال نعم ، فأمر أن يسقى . فلما شرب أقداحاً قال : هاتوا لأبي محمد عوداً ، فجيء به فاندفع يغني بشعره :
ما علة الشيخ عيناه بأربعةٍ . . . تغرورقان بدمعٍ ثم ينسكب
قال ابن حمدون : فما بقي غلامٌ من الغلامان الوقوف على الحير إلا وجدته يرقص طرباً وهو لا يعلم بما يفعل ، فأمر له بمائة ألف دينار . ثم انحدر المتوكل إلى الرقة وكان يستطيبها لكثرة تغريد الطير فيها ، فغناه إسحاق :
أأن هتفت ورقاء في رونق الضحى . . . على فننٍ غض النبات من الرند
بكيت كما يبكي والوليد ولم تزل . . . جليداً وأبديت الذي لم تكن تبدي