كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 101 """"""
ومضيت فأديت الرسالة ، ثم عدت إلى المأمون وأخذنا في الحديث وتناشدنا الأشعار ، فهممت أن أحدثه بحديثها ثم هبته ، فقلت : أقدم قبل ذلك تعريضاً بشيءٍ من الشعر فأنشدته :
ألا حي أطلالاً لقاطعه الحبل . . . ألوفٍ تساوي صالح القوم بالرذل
فلو أن من أمسى بجانب تلعةٍ . . . إلى جبلي طيٍ فساقطة النعل جلوسٌ إلى أن يقصر الظل عندها . . . لراحوا وكل القوم منها على وصل
فقال لي المأمون : اخفض صوتك لا تسمع عريب فتغضب وتظن أنا في حديثها ، فأمسكت عما أردت أن أخبره به ، وخار الله لي في ذلك .
وقال محمد بن عيسى الواثقي : قال لي محمد بن حامد ليلةً : أحب أن تفرغ لي مضربك ، فإني أريد أن أجيئك فأقيم عندك ، ففعلت وأتاني . فلما جلس جاءت عريب فدخلت وجلسنا ، فجعل محمد يعاتبها ويقول : فعلت كذا وفعلت كذا فقالت لي : يا محمد ، هذا عندك رأي ثم أقبلت عليه فقالت : يا عاجز ، خذ بنا فيما نحن فيه ، واجعل سراويلي مخنقتي وألصق خلخالي بقرطي ، فإذا كان غدٌ فاكتب بعتابك في طومارٍ حتى أكتب إليك في مثله ، ودع عنك هذا الفضول ، فقد قال الشاعر :
دعي عد الذنوب إذا التقينا . . . تعالي لا نعد ولا تعدي
فأقسم لو هممت بمد شعري . . . إلى باب الجحيم لقلت مدي
وقال أحمد بن حمدون : وقع بين عريب وبين محمد بن حامد شرٌ حتى كادا يخرجان إلى القطيعة ، وكان في قلبها منه أكثر مما في قلبه منها . فلقيته يوماً فقالت : كيف قلبك يا محمد ؟ قال : أشقى ما كان وأقرحه . فقالت : استبدل تسل . فقال لها : لو كانت البلوى باختيار لفعلت فقالت : لقد طال إذاً تعبك . فقال : وما يكون أصبر

الصفحة 101