كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 102 """"""
مكرها أما سمعت قول العباس بن الأحنف :
تعبٌ يطول مع الرجاء لذي الهوى . . . خيرٌ له من راحةٍ في الياس
لولا كرامتكم لما عاتبتكم . . . ولكنتم عندي كبعض الناس
قال : فذرفت عيناها ، واعتذرت إليه واعتنقته ، واصطلحا وعادا إلى ما كانا عليه .
وحكى أحمد بن جعفر بن حامدً قال : لما توفي عمي محمد بن حامد ، صار جدي إلي منزله ، فنظر إلى تركته وجعل يقلب ما خلف ، ويخرج إليه منها الشيء بعد الشيء ، إلى أن أخرج إليه سفطٌ مختوم ، ففض الخاتم وفتحه ، فإذا فيه رقاع عريبٍ إليه ، فجعل يتصفحها ويبتسم ، فوقعت في يده رقعةٌ فقرأها ووضعها بين يديه ، وقام لحاجته ، فقرأتها فإذا هي :
ويلب عليك ومكنا . . . أوقعت في الحق شكا
زعمت أني خؤونٌ . . . جواراً علي وإفكاً
إن كان ما قلت حقاً . . . أو كنت أزمعت تركاً
فأبدل الله ما بي . . . من ذلة الحب نسكا
قال : وهذا الشعر لعريب .
وأما أخبارها مع المأمون وإخوته وغير ذلك من أخبارها . قال صالح بن علي بن الرشيد المعروف بزعفرانة : تمارى خالي أبو عليٍ والمأمون في صوت ، فقال المأمون : أين عريب ؟ فجاءت وهي محمومة ، فسألها عن الصوت ، فقالت فيه بعلمها . فقال لها : غنيه . فولت لتجئ بالعود ، فقال : غنيه بلا عود . فاعتمدت من الحمى على الحائط وغنت ، وأقبلت عقربٌ فرأيتها وقد لسبت يدها مرتين أو ثلاثاً ، فما نحت يدها ولا سكتت حتى فرغت من الصوت ، ثم سقطت وقد غشي عليها .