كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 104 """"""
الواثق فيما يصوغه من الألحان ، وتصوغ في ذلك الشعر تغنيه لحناً فيكون أجود من لحنه .
قال : وكانت عريب تتعشق صالحاً المنذري الخادم ، فتزوجته سراً . فحكي عنها أن بعض الجواري دخلت عليها يوماً ، فقالت لها عريب : ويحك تعالي إلي فجاءت ، فقالت : قبلي هذا الموضع مني ، فإنك تجدين ريح الجنة ، وأومأت إلى سالفتها ، ففعلت ثم قالت لها : ما السبب في هذا ؟ قالت : قبلني الساعة صالح المنذري في هذا الموضع . قال : ووجهه المتوكل إلى مكانٍ بعيدٍ في حاجةٍ ، فقالت عريب فيه :
أما الحبيب فقد مضى . . . بالرغم مني لا الرضى
أخطأت في تركي لمن . . . لم ألق منه عوضا
وكانت عريب تهوى إبراهيم بن المدبر ويهواها ، ولها معه أخبارٌ وحكايات ، وبينهما أشعارٌ وفكاهات . فمن مكاتباتها إليه ما روي عن ابن المعتز فقال : كتبت إليه تدعو له في شهر رمضان : أفديك بسمعي وبصري ، وأهل الله عليك هذا الشهر باليمن والمغفرة ، وأعانك على المفترض منه والمتنفل ، وبلغك مثله أعواماً ، وفرج عنك وعني فيه . وكتبت في شيءٍ بلغها عنه : وهب الله لنا بقاءك ممتعاً بالنعم . ما زلت أمس في ذكرك ، فمرةً بمدحك ، ومرةً بأكلك وبذكرك بما فيك لوناً لونا . اجحد ذنبك الآن ، وهات حجج الكتاب ونفاقهم . فأما خبرنا أمس فإنا شربنا من فضل نبيذك على تذكارك رطلاً ، وقد رفعنا حسابنا إليك ، فارفع حسابك إلينا ، وخبرنا من زارك أمس وألهاك ، وأي شيءٍ كانت القصة على جهتها . ولا تخطرف فتحوجنا إلى كشفك والبحث عليك وعن حالك ، وقل الحق ، فمن صدق نجا . وما أحوجك إلى تأديبٍ ، فإنك لا تحسن أن تود . والحق أقول إنه يعتريك كزازٌ شديدٌ يجوز حد البرد . وكفاك بهذا من قولي عقوبةً . وإن عدت سمعت أكثر منه . والسلام .