كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 105 """"""
ولما نكب عبد الله بن يحيى بن خاقان ابن المدبر وحبسه ، كتبت إليه كتاباً تتشوقه وتخبره استيحاشها له واهتمامها بأمره ، وأنها قد سألت الخليفة في أمره فوعدها ما تحب . فأجابها عن كتابها ، وكتب في آخر الجواب :
لعمرك ما صوتٌ بديعٌ لمعبدٍ . . . بأحسن عندي من كتاب عريب
تأملت في أثنائه خط كاتبٍ . . . ورقة مشتاقٍ ولفظ خطيب
وراجعني من وصلها ما استفزني . . . وزهدني في وصل كل حبيب
فصرت لها عبداً مقراً بملكها . . . ومستمسكاً بودها بنصيب
وقال أبو عبد الله بن حمدون : اجتمعت أنا وإبراهيم المدبر وابن ميادة . القاسم بن زرزر في بستانٍ بالمطيرة في يوم غيمٍ ورذاذٍ يقطر أحسن قطرٍ ونحن في أطيب عيشٍ وأحسن يوم ، فلم نشعر إلا بعريبٍ قد أقبلت من بعيد ، فوثب إبراهيم من بيننا فخرج حافياً حتى تلقاها ، وأخذ بركابها حتى نزلت ، وقبل الأرض بين يديها . وكانت قد هجرته مدةً لشيءٍ أنكرته عليه . فجاءت وجلست وأقبلت عليه مبتسمة ، ثم قالت : إنما جئت إلى من هاهنا لا إليك . فاعتذر وشفعنا له فرضيت . وأقامت عندنا يومئذٍ وباتت ، واصطبحنا من غدٍ وأقامت عندنا . فقال إبراهيم :
بأبي من حقق الظن به . . . وأتانا زائراً مبتدياً
كان كالغيث تراخى مدةً . . . وأتى بعد قنوطٍ مرويا
طاب لنا يومان في قربه . . . بعد شهرين لهجرٍ مضيا
فأقر الله عيني وشفى . . . سقماً كان لجسمي مبلياً
وقال فيها أيضاً :
ألا يا عريب وقيت الردى . . . وجنبك الله صرف الزمن

الصفحة 105