كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 107 """"""
أخذ بركابها فأجلسها في مجلسه وجلس بين يديها . ثم قال :
ألا رب يومٍ قصر الله طوله . . . بقرب عريبٍ ، حبذا هو من قرب
بها تحسن الدنيا وينعم عيشها . . . وتجتمع للسراء للعين والقلب
وقال إبراهيم بن اليزيدي : كنت مع المأمون في بلد الروم . فبينما أنا أسير في ليلةٍ مظلمةٍ شاتيةٍ ذات غيمٍ وريحٍ وغلى جانبي قبة ، إذ برقت برقةٌ فإذا بالقبة عريب . فقالت : يا إبراهيم بن اليزيدي . فقلت : لبيك قالت : قل في هذا البرق أبياتاً ملاحاً لأغني فيها . فقلت :
ماذا بقلبي أليم الخفق . . . إذا رأيت لمعان البرق
من قبل الأردن أو دمشق . . . لأن من أهوى بذاك الأفق
فارقته وهو أعز الخلق . . . علي والزور خلاف الحق
ذاك الذي يملك مني رقي . . . ولست أبغي ما حييت عتقي
فتنفست نفساً ظننته قد قطع حياز يمها ، فقلت : ويحك على من هذا التنفس ؟ فضحكت ثم قالت : على الوطن . فقلت هيهات ليس هذا كله على الوطن . فقالت : ويلك أظننت أنك تستفزني والله لقد نظرت نظرةً مريبةً في مجلسٍ فادعاها أكثر من ثلاثين رئيساً ، والله ما علم أحدٌ منهم لمن كانت إلى هذا الوقت .
وقال أبو العبيس بن حمدون : غضبت عريبٌ على بعض جواريها ، فجئت إليها وسألتها أن تعفو عنها ، فقالت - في بعض ما تقوله مما تعتد به عليها من ذنوبها - : يا أبا العباس ، إن كنت تشتهي أن ترى زناي وصفاقة وجهي وجرأتي على كل عظيمةٍ أيام شبابي ، فانظر إليها واعرف أخبارها . فقال : وكانت في شبابها يقدم إليها البرذون فتطفر عليه بلا ركاب .

الصفحة 107