كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 11 """"""
فضحك المتوكل ثم قال : يا إسحاق ، هذه أخت فعلتك بالواثق لما غنيته بالصالحية :
طربت إلى أصيبيةٍ صغار . . . وذكرني الهوى قرب المزار
فكم أعطاك لما أذن لك في الانصراف ؟ قال : مائة ألف دينار ، فأمر له بمائة ألف دينار وأذن له بالانصراف . وكان آخر عهده بإسحاق . توفي بعد ذلك بشهرين . وكانت وفاته في شهر رمضان سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين . وكان يسأل الله تعالى ألا يبتليه بالقولنج لما رأى من صعوبته على أبيه ، فرأى في منامه كأن قائلاً يقول له : قد أجيبت دعوتك ولست تموت بالقولنج ولكنك تموت بضده ، فأصابه ذرب في شهر رمضان ، فكان يتصدق في كل يومٍ يمكنه صومه بمائة درهم ، ثم ضعف عن الصوم فلم يطقه ومات في الشهر . ولما نعي إلى المتوكل غمه وحزن عليه وقال : ذهب صدرٌ عظيمٌ من جمال الملك وبهائه وزينته . رحمه الله تعالى .
ذكر أخبار علويه
هو أبو الحسن علي بن عبد الله بن سيف . وجده سيف من الصغد الذين سابهم الوليد بن عثمان بن عفان واسترق منهم جماعةً اختصهم لخدمته وأعتق بعضهم ولم يعتق الباقين فقتلوه . قال أبو الفرج الأصفهاني : وكان عليٌ هذا مغنياً حاذقاً ، ومؤدباً محسناً ، وصانعاً متقناً ، وضارباً متقدماً ، مع خفة روحٍ وطيب مجالسةٍ وملاحة نوادر . وكان إبراهيم الموصلي علمه وخرجه وعني بتحذيقه جداً ، فبرع وغنى لمحمد الأمين وعاش إلى أيام المتوكل ومات بعد إسحاق الموصلي بيسير .