كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 112 """"""
بحضرتها انقطعت ولم تصنع شيئاً ، فدعوها على جبلتها ، فوافقوه على ذلك ، ودخل وكتموه أمره ، وكانت لا تعرف إسحاق . وقدم النبيذ ، فغنت لحناً لها :
قريبٌ غير مقترب . . . ومؤتلفٌ كمجتنب
له ودي ولي منه . . . دواعي الهمم والكرب
أواصله على سببٍ . . . ويهجرني بلا سبب
ويظلمني على ثقةٍ . . . بأن إليه منقلبي
قال : فطرب إسحاق وشرب نصفاً ، ثم تغنت وشرب ، حتى والى بين عشرة أنصاف ، قال علي بن الهيثم : وشربنا معه . وقام إسحاق ليصلي ، فقال لها هارون : ويحك يا عبيدة ما تبالين والله متى مت قالت : ولم ؟ قال : أتدرين من المستحسن غناءك والشارب عليه ما شرب ؟ قالت : ولم ؟ قال : أتدرين من المستحسن غناءك والشارب عليه ما شرب ؟ قالت : لا والله . قال : إسحاق بن إبراهيم ، فلا تعرفينه أنك قد عرفتيه . فلما جاء إسحاق ابتدأت تغني فلحقتها هيبةٌ له واختلاط ، فنقصت نقصاناً بيناً . قال : أعرفتموها من أنا ؟ فقلت : نعم ، عرفها هارون . فقال إسحاق : نقوم إذاً فننصرف ، فإنه لا خير في عشرتكم الليلة ولا فائدة لي ولا لكم ، وقام فانصرف .
وقال ملاحظ غلام أبي العباس : اجتمع الطنبوريون عند أبي العباس بن الرشيد يوماً وفيهم المسدود وعبيدة . فقالوا للمسدود : غن ، فقال : لا والله ، لا تقدمت على عبيدة وهي الأستاذ ، فما غنى حتى غنت . وقال محمد بن عبد الله بن مالك الخزاعي : سمعت إسحاق يقول : الطنبور إذا تجاوز عبيدة هذيان .
هذا ما أمكن إيراده في هذا الباب من أخبار من اشتهر بالغناء ، وأخبار القيان ، وهو مختصرٌ مما أورده أبو الفرج الأصفهاني - رحمه الله تعالى - في كتابه المترجم بالأغاني من أخبارهم . ولم نلتزم استيعابهم بل ذكرنا أكثرهم وأشهرهم بالغناء ، وذكرنا من أخبارهم ما فيه كفاية . فلنذكر خلاف ذلك .

الصفحة 112