كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 125 """"""
وأصبحت الأمصار أمناً وغبطةً . . . أسرتها مهتزةٌ والمنابر
وقام خطيب الحمد في كل موقفٍ . . . يعدد ما تملي عليه المآثر
ومنها :
لقد عاشرت الوزارة منك ماجداً . . . له كنفٌ لا يجتويه المعاشر
فسيح امتداد الظل بين رحابه . . . وبين المعالي آهل الربع عامر
فألقت عصاها واستقر بها النوى . . . كما قر عيناً بالإياب المسافر
وما زلت ملحوظاً لها ومؤهلاً . . . لذا الأمر مذ شدت عليك المآزر
وقال آخر :
كلما رمت أن أهنيك وقتاً . . . بمحلٍ من العلا ترتقيه
شمت مقدارك الذي أعجز الوا . . . صف أعلى من الذي أنت فيه وكتب الحمدوني أخو صاحب التذكرة يهنئ بالسلامة من حريقٍ وقع في دار الخلافة : الدنيا - أعز الله أنصار الخدمة الشريفة - دار الامتحان والاختبار ، ومجاز الابتلاء والاعتبار ، ولله فيما نزله فيها إلى عباده من نعمه ، وتخولهم من مواهبه وقسمه ، عاداتٌ يقتضيها بالغ حكمته ، وماضي إرادته ومشيئته ، ليستيقظ الذاهل ، ويعترف الجاهل ، ويزداد العالم اللبيب اعتباراً ، ويستفيد العاقل الأريب تفكراً واستبصاراً ، فلا يغفل عن واجب الشكر إذا سيقت النعمة إليه ، ولا يلهو عن استدعاء المزيد منها بالاعتراف إذا أسبغت عليه ، وهو أن الباري سبحانه إذا تابع آلاءه إلى عبدٍ ووالاها ، وجردها له من الشوائب وأخلاها ، وأماط عن مشاربها أكدار الدنيا المطبوعة على الكدر ، وغمر مساربها بالأمن من طوارق الغير ، خيف عليها الانتقاض والزوال ، وتوقع لها الانتهاء والانتقال . ومن ذلك الخبر المروي : أنه لما أنزل الله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا "