كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 129 """"""
أحظاه مقدماً وأعلاه في الإحسان قدماً ، لو وهبت لمقتضاه من الكرامة دماً . وقد كان في الحق أن أهاجر ، وأعصي الناهي والزاجر ، فابسط لي عذراً ، وأعدني لك ذخراً ، وطب مدى الدهر خبراً وخُبرا .
من رزقه الله ولداً فمن ذلك ما كتب به الأستاذ ابن العميد في فصلٍ يهنئ عضد الدولة بن بويه وقد ولد له ابنان توءمان : وصل كتاب الأمير بالبشرى التي أبت النعمة بها أن تقع مفردةً ، وامتنعت العارفة فيها أن تسنح موحدةً ، حتى تيسرت منحتان في وطنٍ ، وانتظمت موهبتان في قرنٍ ، وطلع من النجيبين أبي قاسم وأبي كاليجار - أدام الله عزهما - طالعا ملك ، ونجما سعدٍ ، وشهابا عزٍ ، وكوكبا مجدٍ ، فتأهلت بهما رباع المحاسن ، ووطئت لهما أكناف المكارم ، واستشرفت إليهما صدور الأسرة والمنابر . وفهمته وشكرت الله تعالى شكر من نادى الآمال فأجابته مكتبةً ، ودعا الأماني فجاءته مصحبةً ، وحمدته حمداً مكافئاً جسيم ما أتاح وعظيم ما أفاد ، واكتنفني من السرور ما فسح مناهج الغبطة ، وسهل موارد البهجة ، وأشعت ما ورد إشاعةً شرحت صدور الأولياء بمسارها ، وأزعجت قلوب الأعداء عن مقارها ، وسألت الله إتمام ما آذن به الأميران السيدان من سعادةٍ لا يهتدي إليها الاختيار علواً ، ولا ترتقي إليها الأفكار سمواً ، وسلطانٍ تضيق البحار عن اتساعه ، وتنخفض الأفلاك عن ارتفاعه ، ويبلغهما أفضل ما تقسمه السعود ، وتعلو به الجدود ، حتى يستغرقا مع السابقين إخوتهما مساعي الفضل ، ويشيدا قواعد الفخر ، ويرجما صروف الدهر ، ويضبطا أطراف الأرض ، وهو تعالى قريبٌ مجيب .