كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 13 """"""
إسحاق : ما منكما إلا محسنٌ مجمل ، فلا ترد أن يجري في هذا شيء . قال : سألتك بحقي عليك وبتربة أبيك وبكل حق تعظمه إلا حكمت فقال : ويحك والله لو كنت أستجير أن أقول غير الحق لقلته فيما تحب ، فأما إذا أبيت إلا ذكر ما عندي ، فلو خيرت أنا من يطارح جواري ويغنيني لما اخترت غيرك ، ولكنكما إذا غنيتما بين يدي خليفةٍ أو أميرٍ غلبك على إطرابه واستبد عليك بجائزته . فغضب علويه وقام وقال : أف من رضاك وغضبك وكان الواثق بالله يقول : علويه أصح الناس صنعةً بعد إسحاق ، وأطيب الناس صوتاً بعد مخارق ، وأضرب الناس بعد زلزل وملاحظ ، فهو مصلي كل سابق نادر وثاني كل أول ، وأصل كل متقدم . وكان يقول : غناء علويه مثل نقر الطست يبقى ساعةً في السمع بعد سكوته .
وقال عبد الله بن طاهر : لو اقتصرت على رجلٍ واحدٍ يغني لما اخترت سوى علويه ، لأنه إن حدثني ألهاني ، وإن غناني أشجاني ، وإن رجعت إلى رأيه كفاني .
وقال محمد بن عبد الله بن مالك : كان علويه يغني بين يدي الأمين ، فغنى في بعض غنائه :
ليت هنداً أنجزتنا ما تعد . . . وشفت أنفسنا مما تجد
وكان الفضل بن ربيع يضطغن عليه شيئاً ، فقال للأمين : إنما يعرض بك ويستبطئ المأمون في محاربته إياك ، فأمر به فضرب خمسين سوطاً وجر برجله حتى

الصفحة 13