كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 134 """"""
ودخل عبد الملك ، فقال الرشيد للفضل : قل له : ولد لأمير المؤمنين في هذه الليلة ابنٌ ومات له ابن . فقال الفضل له ذلك . فدنا عبد الملك وقال : يا أمير المؤمنين ، سرك الله فيما ساءك ، ولا ساءك فيما سرك ، وجعلها واحدةً بواحدةٍ ، ثواب الشاكر وأجر الصابر . فقال الرشيد : أهذا الذي زعموا أنه يتصنع الكلام ما رأى الناس أطبع من عبد الملك في الفصاحة .
ومن ذلك ما حكاه ثمامة بن أشرس قال : لما دخل المأمون بغداد بعد قتل الأمين دخلت عليه زبيدة بنة جعفر أم الأمين ، فجلست بين يديه وقالت : الحمد لله إن أهنئك بالخلافة فقد هنأت بها نفسي قبل أن أراك ، وإن كنت فقدت ابناً خليفةً لقد اعتضدت ابناً خليفةً . وما خسر من اعتاض مثلك ، ولا ثكلت أمٌ ملأت عينها منك . وأنا أسأل الله أجراً على ما أخذ ، وإمتاعاً بما وهب . فقال المأمون : ما تلد النساء مثل هذه ، ما تراها أبقت في الكلام لبلغاء الرجال وقال عبد الله بن الحسن الجعفري السمرقندي يهنئ العزيز بخلافة مصر ويرثي أباه المعز :
قد أصبح الجوهر العلوي منتقلاً . . . في خير من كان خير الورى بدلا
يا منحةً كملت في منحةٍ عظمت . . . لولاك في الدهر ما نال امرؤٌ أملا
صنعٌ من الله في خطبٍ أتيح لنا . . . عم البلاد وعم السهل والجبلا
كان الزمان بمن أبقى ومن أخذت . . . صروفه مذنباً طوراً ومنتصلا
قام العزيز بما أفضى المعز به . . . إليه مضطلعاً بالعبء محتملا