كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 137 """"""
وقال كاتبٌ متقدمٌ في مثل ذلك : الرضا بما يبيحه حكم الله أولى من الامتعاض فيما تحظره أنفة الحمية . ولا قبح فيما أحل الله ، كما لا جمال فيما حرم الله . فعرفك الله الخيرة فيما اختارته من طهارة العفاف ونبل الحصانة ، وعطفك من برها على ما تؤدي به حقها ، وما لزمك المعروف في مصاحبتها .
وكتب الصاحب بن عباد تهنئةً بزواج أمٍ وتعزيةً بموت أب ، فقال : الأيام - أطال الله بقائك - تجري على أنحاءٍ مختلفةٍ ، وشعبٍ متفرقة ، وأحكامها تتفاوت بيننا بما يسوء ويسر ، وينفع ويضر . وبلغني من نفوذ قضاء الله في شيخك - رحمه الله - ما أزعجني ، وأبهم طرق السلوة دوني ، وإن كان من خلفك غير خارجٍ عن مزية الأحياء ، ولا حاصلٍ في زمرة الأموات . والله يأسو كلمك ، ويسد ثلمك . وقد فعل ذلك بأن أتاح الله لك بعد أبيك أباً لا يقصر عنه شفقةً عليك وحنواً ، وإيثاراً لك وبراً . وقد لعمري وفقت حين وصلت بحبلك حبله ، وأسكنت الكبيرة - حرسها الله تعالى - ظله ، لئلا تفقد من الماضي - عفا الله عنه - إلا شخصه . فالحمد لله الذي أرشدك لما يعيد الشمل مجتمعاً بعد فراقه ، والعدد موفوراً بعد انتقاصه ، حمداً يقضي لك بالمسرة ، ويحسم دونك مراد الوحشة ، ويلقيك ثواب ما قضيته من الحق ، وتحملته فيه من الأوق ، إنه فعالٌ لما يريد .
فهذه نبذةٌ كافيةٌ في التهاني الخالصة ، فلنذكر العامة .
ذكر نبذة من التهاني العامة والبشائر التامة
ولنبدأ من ذلك بما قيل في البشارة بوفاء النيل ، لما فيه من عموم المنافع الشاملة ، وشمول النعم الكاملة ، والخصب الذي يتساوى في الانتفاع به الغني والفقير ، والمأمور والأمير .
فمن ذلك ما كتب به المولى الفاضل ، الصدر الكبير الكامل ، ذو المناقب والمآثر ، والفضائل والمفاخر ، شهاب الدين محمود الحلبي :

الصفحة 137