كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 139 """"""
المرتقبة محياً بدرياً . وذلك أنه لما كان في اليوم الفلاني وفي النيل المبارك ستة عشر ذراعاً ، ومد بحسن صنع الله إلى مصالح البلاد يداً صناعاً ، وركبنا إلى المقياس الذي تعلم به مواقع الرحمة في كل يومٍ ، وتهدى منه واردات السرور إلى كل قومٍ ، ووقفنا به لابسين من رحمة الله تعالى أحسن لباس ، آنسين من أنوار الرحمة في التي أزالت اليأس وأذهبت الباس ، ناظرين إلى أثر رحمة الله التي أحيت الأرض بعد موتها ، ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس . وجرى الأمر في التخليق على أجمل عادات البدور ، وعلقت ستارة المقياس لا للإخفاء على عادة الأستار ، بل للإشاعة والظهور ، واستقر حكم المسرة على السنن المعهود ، وعاد للناس عيد سرورهم إذ ذاك يومٌ مجموعٌ له الناس وذلك يومٌ مشهود . وركب مولانا السلطان إلى سد الخليج والماء قد استطال عليه ، وسرت سرايا أمواجه إليه ، وصدمه بقوةٍ فاندفع منكسراً بين يديه ، فانجبرت القلوب بكسره ، وساق الله به الماء إلى الأرض الجزر فأحياها وحياها ، ورق لوجهها المغبر فستر بردائه المحمر صفحة محياها . كل ذلك وهو - بحمد الله تعالى - آخذٌ في الازدياد ، جارٍ على وفق المراد إلى حده المعتاد ، سالكٌ ببلاغه سبيل أهل البلاغة إذ يهيمون في كل واد . وهاهو الآن يرتفع إلى كل ربوةٍ على جناح النجاح ، ويخيف السبل وما عليه حرجٌ ويقطع الطرق وليس عليه جناح . فليأخذ مولانا حظه من هذه البشرى التي عم بشرها ، ووجب على كل مؤمنٍ شكرها ، ويتحقق أن هذه بوادر خيرٍ تسري إليه على ركائب السحائب ، وطلائع خصبٍ هي لديه أقرب غائبٍ وأسرع آئب . و الله تعالى يعز أنصاره ، ويوالي مباره ، بمحمدٍ وآله .
وكتب أيضاً في مثل ذلك : ضاعف الله نعمة المجلس العالي ، وبشره بما أجرى الأمة عليه من عوائد كرمه ، وسره بما يسره من خصوص بره وعموم نعمه ، وهناه بما سناه من هرب جيش المحل بعد قدم وثبات قدمه ، وأورد على سمعه من أنباء نصرة الخصب ما يتحقق به أن لم يبق في الأرض علمٌ إلا تحت علمه ، وأنه ذبح الجدب بسيفٍ مده الذي أنبأ بحمرة عندمه عن دمه ، وبث

الصفحة 139