كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 140 """"""
سراياه في الأقطار ، على متون القطار ، مرهفاً على بقايا المحل سيوف بروقه ونبال ديمه ، وضرب قباب موجه على المسالك ، فلو هبت بينهما عاصفة جدبٍ تعثرت بأطناب خيمه ، ولعب على ما شمخ من الربا ، فعجبٌ له من كاملٍ يلعب وقد بلغ إلى هرمه صدرت هذه المكاتبة تقص عليه من نعم الله أحسن القصص ، وتهدي إليه من مواد فضله ما يخص الشام وأهله منه بأوفى الأقسام وأوفر الحصص ، وتحثه على شكر الله تعالى الذي به ينتهز من مزيد بره أعظم الحظوظ وأفضل الفرص ، وتعلم أن الله نصر جيش الرخاء بمدد لطفه على اليأس الذي تولى الشيطان أمره فلما تراءت الفئتان نكص ، وأنعم على خلقه بما أرخصته عزائم كرمه بهم ، فوجب أن تقابل نعمه بعزائم الشكر دون الرخص ، وذلك أن الله تعالى أجاب دعوة المضطر ، وأفاض بره العميم على الغني والفقير والقانع والمعتر ، وأحيا الأرض بعد موتها ، وتدارك برحمته دنيا الدهماء بعد أن أشرفت على فوتها ، وأجرى الخلق على عوائد كرمه ، وأجرى لهم بقدرته من حجب الغيب مواد نعمه ، وأعلى لديهم موارد نيلهم حتى كاد ما يشرب بفروق ساقه يتناول الماء بفمه ، وأمر البحر فأقبل بالفرج القريب من الأمد البعيد ، وأذن له في الترفع من محله فسجد على الترب شكراً وتيمم الصعيد وإن لم يبق به الآن على وجه الأرض صعيد ، وأسرى منه ركائب السرور إلى الأقطار ففي كل نادٍ من هديره حادٍ وفي كل برٍ من بروره بريد ، وذكر بإحياء الأرض بعد موتها إحياء أمواتها ، " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد " ، ونشر ألويته على الثرى لأهل الأرض بشراً بين يدي رحمته ، " وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد " ، وأقبل بعد نقص عامه الماضي بوجهٍ عليه حمرة الخجل ، وعزمٍ سبق سيفه إلى المحل العذل بل الأجل ، وحزمٍ أدرك الجدب بوجهٍ قبل أن يقول : سآوى إلى جبلٍ ، واستظهارٍ على كل ما علا من الأرض حتى إن الهرمين باتا منه على وجل ، ومهد الأرض التي كانت ترقبه فهو لها المنتظر على الحقيقة ، ووطئ بطن القرى فنتج الخصب بينهما وذبح المحل في العقيقة ، وقطع الطرق فآمن بذلك كل حاضرٍ وبادٍ ورائحٍ وغاد ، واتبعه الري

الصفحة 140