كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 146 """"""
وكتب أبو عبيد عبد الله البكري إلى المعتمد على الله المؤيد بنصر الله يهنئه بالفتح الذي كان في سنة سبعٍ وسبعين وأربعمائة : أطال الله بقاء سيدي ومولاي الجليل القدر ، الجميل الذكر ، ذي الأيادي الغر ، والنعم الزهر ، وهنأه ما منحه من فتحٍ ونصر ، واعتلاءٍ وقهر . بطالع السعد يا مولاي أبت ، وبسانح اليمن عدت ، وبكنف الحرز عذت ، وفي سبيل الظفر سرت ، وبقدم البر سعيت ، وبجنة العصمة أتيت ، وبسهم السداد رميت فأصميت . صدرٌ عن أكرم المقاصد وأشرف المشاهد ، وعودٌ بأجل ما ناله عائدٌ وآب به وارد ، فتوحٌ أضحكت مبسم الدهر ، وسفرت عن صفحة البشر ، وردت ماضي العمر ، وأكبت واري الكفر ، وهزت أعطاف الأيام طرباً ، وسقت أقداح السرور نخباً ، وثنت آمال الشرك كذبا ، وطوت أحشاء الطاغية رهباً ، فذكرها زاد الراكب ، وراحة اللاغب ، ومتعة الحاضر ، ونقلة المسافر .
بها تنقض الأحلاس في كل منزلٍ . . . وتعقد أطراف الحبال وتطلق
شملت النعمة وجبرت الأمة ، وجلت الغمة ، وشفت الملة ، وبردت الغلة ، وكشفت العلة .
كان داء الإشراك سيفك واشت . . . دت شكاة الهدى وكان طبيبا
فغدا الدين جديداً ، والإسلام سعيداً ، والزمان حميداً ، وعمود الدين قائماً ، وكتب الله حاكماً ، ودعوة الإيمان منصورة ، وعين الله قريرة . فهنأ الله مولانا وهنأنا هذه المنح البهية مطالعها ، الشهية مواقعها ، وعضد حسامه فبالقسط يسل ويغمد ، وأيد مذاهبه فبالتحزم تسدى وتلحم ، وأمر كتائبه ففي الله تسرج وتلجم . فكم فادحٍ خطب كفاه ، وظلامٍ كربٍ جلاه ، وميت حقٍ أحياه ، وحي باطلٍ أرداه وكم جاحم ضلالةٍ

الصفحة 146