كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 147 """"""
أطفأ ناره ، وناجم فتنةٍ قلم أظافره ، ومفلول سنةٍ أرهف شفاره ، ومستباح حرمةٍ حمى ذماره . فلله هذه المساعي الكريمة والمنازع القويمة ، المتبلجة عن ميمون النقيبة ومحمود العزيمة ، فقد تمثل بها العهد الأول والقرن الأفضل الذي أخرج للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، والذي سطع هذا السراج ، وانتهج هذا المنهاج ، فلا زالت الفتوح تتوالى عليه ، وصنائع الله تتصل لديه ، إدالةً من مشاقيه وإذالةً لمحاربيه ، وإبادةً لمناوئيه . وإن أجل هذه النعم في الصدور ، وأحقها بالشكر الموفور ، ما من الله به من سلامة مولاي التي هي جامعةٌ لعز الدين وصلاح كافة المسلمين ، بعد أن صلى من الحرب نيرانها ، فكان أثبت أركانها وأصبر أقرانها :
وقفت وما في الموت شكٌ لواقفٍ . . . كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمةً . . . ووجهك وضاحٌ وثغرك باسم
هنيئاً لضرب الهام والمجد والعلا . . . ووجهك والإسلام أنك سالم
فلله الحمد والإبداع والإلهام ، وله المنة وعلينا متابعة الشكر والدوام . وقد فازت الكف الكليم ، بأعلى قداح المكلوم لدى المقام الكريم ، وإنها لهي التالية للإصبع الدامية في المنزلة العالية .
بصرت بالراحة العليا فلم ترها . . . تنال إلا على جسرٍ من التعب ومن كلام القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني جواب كتابٍ ورد إليه يخبر فيه بانتصار المسلمين . ابتدأه بقوله عز وجل : " يستبشرون بنعمةٍ من الله وفضلٍ وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين " . وصلت بشرى المجلس السامي - أعلاه الله وشيده ، وأسعده وأصعده ، وشكر مشهده وأنجح مقصده ، وملأ بالحسنات أمسه ويومه وغده ، وأهلك وعادى أعداءه وحسده ، واجتب بسيفه زرع الكفار وذراه وحصده - بما من الله سبحانه من نصرة المسلمين عند لقاء عدوهم ، وما وليهم الله من القوة والإظهار ، وما قذف في قلوب الكفر من الخوف والحذار ، وشرح القضية شرحاً شرح الصدور ، واستوى فيها الغياب مع الحضور ، فكانت البشارة منه وكانت المباشرة له ، وما كل من بشر باشر ، ولا كل من غار غاور ، ولا