كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 148 """"""
كل من خبر عن السيوف لقيها بوجهه ، ولا كل من حدث عن الرماح عانقها بصدره . فنفعه الله بالإسلام كما نفع الإسلام به ، وأتم النعمة عليه كما أتمها فيه ، وتقبل جهاده الذي جلا فيه الكربات ، وابتغى فيه القربات . ويتوقع إن هان العدو في العيون ، وظهر منه غير ما كان في الظنون ، أن يكسر الله بكم مصافه ، ويفتح عليكم بلاده ، ويطهر بسيوفكم الشام ، ويسر بنصركم الإسلام ، ويشرف بيوم نصركم الأيام . والخير يغتنم إذا عنت فرصه ، ويصاد إذا أمكن الصائد قنصه ، والجهاد فرضٌ على المطيق تقتضيه عزائمه ولا تقتضيه رخصه . وقد حضر المولى وحضر كل خير ، وحضر من رأيه ما يكفي أمر العدو ولو لم يكن إلا رأيه لا غير ، فكيف وفي يده من العضب ، مثل ما في صدره من القلب ، كلاهما حديدٌ لا تكل مضاربه ، ولا تخونه ضرائبه ، ولا تفنى إذا عددت عجائبه ، فكم له من يومٍ أغر محجل الأطراف ، وليلةٍ في سبيل الله دهماء الأهوال بيضاء الأوصاف ، والنفوس واثقةٌ بأن الظفر على يده يجري ، والمبشر من جهته يسر ويسري . والله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين .
وكتب أيضاً في مثل ذلك : ورد كتاب المجلس - نصر الله عزمته ، وشكر همته ، وأتم عليه نعمته ، وصرف به وعنه صرف كل دهرٍ وملمته ومؤلمته ، وأعان أولياءه على أن يؤدوا خدمته ، ويستوهبوا له فضل الله ورحمته ، وأجزل قسمه من الخير الذي يحسن بين محبيه قسمته - سافراً عن مثل الصباح السافر ، متحدثاً عن روض أفعاله بلسان النسيم السحري الساحر ، حاملاً حديث بيضه وسمره حديث السامر . وهنأ بالفتح وهو المهنأ به ، وكيف لا يهنأ بالفتح من هو فاتحه وكيف لا يشرح خبره من هو فاتح كل صدرٍ وشارحه ولقد دعا له لسان كل مسلمٍ وساعدت لسانه جوارحه ، وعلم أنه باشر الحرب وتولى كبرها ، وأخمد جمرها ، ولقى أقرانها ، وافترس فرسانها ، وجبن شجعانها ، وشجع جبانها ، وأنفق الكريمين على النفس : النفس والمال ، وحفظ على الإسلام الطرفين : الفاتحة والمآل . وإذا تأمل المجلس الدنيا علم أن الذي يبقى بها أحاديث ، وإذا نظر إلى المال علم أن الذي في الأيدي