كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 149 """"""
منه مواريث ، فالحازم من ورث ماله ولم يورثه لغيره ، والسعيد من لم يرض لنفسه من الحديث إلا بخيره . وما يخفى عن أحدٍ ما فعله ، ولا ما بذله ، ولا ما هان عليه ، ولا ما أهان الله كرائم المال بيديه ، ولقد حلت نعمة الله في محلها لديه ، وكان كفأها الكريم الذي أصدقها ما في كفيه .
هذا ثنائي وهاتيكم مناقبكم . . . يا أعين الناس ما أبعدت إسهادي
" ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمنٌ فلا يخاف ظلماً ولا هضماً " ، بل هو سبحانه يوفي عباده مثاقيل الذر ، وللصابرين عنده الأجر بغير حسابٍ لجلالة قدر الصبر . والمجلس صبر نفسه على المشقات فليبشر بثوابها ، وكثر أعمال البر فهو يدخل الجنة بفضل الله من جميع أبوابها . وكما يهنأ المجلس بالافتتاح فهو يهنأ بالجراح ، ولا يغسل ثوب العمل إلا الدم المسفوح ، وكل جرحٍ إنما هو بابٌ إلى الجنة مفتوح . والحمد لله على أن أمتع الأمة بنفسه التي بذلها ، وقد باعها له وأبقاها لنا وقبلها . " وإن ربك لذو فضلٍ على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون " .
وكتب المرحوم علاء الدين علي بن القاضي محي الدين بن الزكي إلى أخيه بهاء الدين مبشراً بفتح صفد ، وكان هذا الفتح في يوم الجمعة ثامن عشر شوال سنة أربعٍ وستين وستمائة ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى في أخبار دولة الترك في أيام الملك الظاهر بيبرس : يقبل اليد الكريمة ، ويبث ما يعالجه من لواعج الأشواق التي تركته بين الأصحاب مدلها ، وسلبت لبه فلا أعلم عليه من دلها ، وينهى أن المملوك فارق كريم جنابه وتوجه إلى صفد المحروسة فوصل إليها في تاريخ كذا ، ووافاها والحصن قد تزعزعت أركانه ، والكفر قد انهدم بنيانه ، وشمر عن ساق الهزيمة شيطانه ، وحماة الحرب قد وقفت في مراكزها ، وكماة

الصفحة 149