كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 15 """"""
أرقص من أقصى الإيوان وأصفق وأغني بالصوت ، فسمع المغنون والمأمون ما لم يعرفوه فاستطرفوه ، وقال المأمون : ادن يا علويه وردده ، فرددته عليه سبع مرات ، فقال لي في آخرها عند قولي : يروق ويصفو إن كدرت عليه : يا علويه خذ الخلافة وأعطني هذا الصاحب .
وقال علويه : قال إبراهيم الموصلي يوماً : إني قد صنعت صوتاً وما سمعه مني أحدٌ بعد ، وقد أحببت أن أنفعك به وأرفع منك بأن ألقيه عليك وأهبه لك ، ووالله ما فعلت هذا بإسحاق قط ، وقد خصصتك به ، فانتحله وادعه ، فلست أنسبه إلى نفسي ، وستكسب به مالاً . فألقى علي :
إذا كان لي شيئان يا أم مالكٍ . . . فإن لجاري منهما ما تخيرا
فأخذته عنه وادعيته ، وسترته طول أيام الرشيد خوفاً من أن أتهم فيه وطول أيام الأمين ، حتى حدث عليه ما حدث وقدم المأمون من خراسان ، وكان يخرج إلى الشماسية فيتنزه ، فركبت يوماً في زلالي وجئت أتبعه ، فرأيت حراقة على بن هشام ، فقلت للملاح : اطرح زلالي على الحراقة ففعل ، واستؤذن لي فدخلت وهو يشرب مع الجواري ، وما كانوا يحجبون جواريهم ، فغنيته الصوت فاستحسنه جداً وطرب عليه ، وقال : لمن هذا ؟ فقلت : هذا صوتٌ صنعته وأهديته لك ولم يسمعه أحدٌ قبلك ، فازداد به عجباً وطرباً ، وقال للجارية : خذيه عنه ، فألقيته عليها حتى أخذته ، فسر بذلك وطرب ، وقال لي : ما أجد لك مكافأةً على هذه الهدية إلا أن أتحول عن هذه الحراقة بما فيها وأسلمه إليك ، فتحول إلى أخرى وسلمت لي بخزانتها وجميع آلاتها وكل شيء فيها ، فبعت ذلك بمائة ألفٍ وخمسين ألف درهم ، واشتريت ضيعتي الصالحية .
وقال علويه : خرج المأمون يوماً ومعه أبياتٌ قد قالها وكتبها في رقعةٍ بخط يده وهي :
خرجت إلى الصيد الظباء فصادني . . . هناك غزالٌ أدعج العين أحور