كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 154 """"""
الصفاح منه أعظم قادرٍ والصحائف أكرم قادم ، والغزو الذي لا تخص تهامة ببشراه بل جميع النجود والتهائم ، وذوو الصوارم والصرائم ، وألو القوى والقوائم ، وكل ثغرٍ عن ابتهاج أهل الإسلام باسم ، وكل برٍ برٍ بتوصيل ما ترتب عليه من ملاحم ، وكل بحرٍ عذبٍ يمون كل غازٍ لا يحبس عن الجهاد الكفار في عقر الدار الشكائم ، وكل بحرٍ ملحٍ كم تغيظ من مجاورة أخيه لأهل الشرك ومشاركتهم فيه فراح وموجه المتلاطم . المملوك يجدد خدمةً يقتفي فيها أثر والده ، ويجري في تبليغها على أجمل عوائده ، ويستفتح فيها استفتاحاً تحف به من هنا ومن هنا محامده ، ويصف ولاءً قد جعله أجمل عقوده وأكمل عقائده ، ويشفعهما بإخلاصٍ قد جعل ميله أحسن وسائله وقلبه أزين وسائده ، ويطلع العلم الكريم أن من سجايا المتعرضين إلى الإعلان بشكر الله في كل ما يعرض للمسلمين من نصر ، ويفرض لهم من أجر غزوٍ كم قعد عنه ملكٌ فيما مضى من عصر ، أن يقدروا تلك النعمة حق قدرها من التحدث بنعمتها ، والتنبيه لسماع نغمتها ، وإرسال أعنة الأقلام في ميادين الطروس ، وإدارة حرباء وصف خير حربٍ إلى مواجهة خير الشموس . ولما كانت غزوات مولانا السلطان ملك البسيطة الوالد - خلد الله سلطانه - قد أصبحت ذكرى للبشر ، ومواقفه للنصر فكم جاءت هي والقدر على قدر ، وقد صارت سيرها وسيرها هذه شدو الأسمار ، وهذه جادةُ يستطيب منها حسن الحدو السفار ، فكم قاتلت من يليها من الكفار ، وكم جعلت من يواليها وهو منصورها منصوراً بالمهاجرين والأنصار . ولما أذل الله ببأسها طوائف التتار في أقاصي بلاد العجم ، وجعل حظ قلوبهم الوجع من الخوف ونصيب وجوههم الوجم ، وأخلى الله من نسورهم الأوكار ومن أسودهم الأجم ، وقصرت بهم هممهم حتى صاروا يخافون الصبح إذا هجم والظن إذا رجم ، وصارت رؤية الدماء تفزعهم فلو احتاج أحدهم لتنقيص دمٍ لمرضٍ

الصفحة 154