كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 164 """"""
وقال ابن السماك : المصيبة واحدةٌ ، فإن كان فيها جزعٌ فهي اثنتان . وقال أبو عليٍ الرازي : صحبت الفضيل بن عياض ثلاثين سنةً ما رأيته ضاحكاً ولا مبتسماً إلا يوم مات ابنه علي ، فقلت له في ذلك ، فقال : إن الله أحب أمراً فأحببت ما أحب الله . وقال صالح المري : إن تكن مصيبتك في أخيك أحدثت لك خشيةً فنعم المصيبة مصيبتك ، وإن تكن مصيبتك بأخيك أحدثت لك جزعاً فبئست المصيبة مصيبتك ، وقال علي بن موسى للفضل بن سهلٍ يعزيه : التهنئة بآجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة . وعزى الرشيد رجلٌ فقال : كان لك الأجر يا أمير المؤمنين لا بك ، وكان العزاء لك لا عنك . أخذه الآخر فقال :
كن المعزى لا المعزى به . . . إن كان لابد من الواحد
وقال عمر بن عبد العزيز لابنه عبد الملك وقد اشتد به الألم : كيف تجدك يا بني ؟ قال : أجدني في الموت ، فاحتسبني ، فإن ثواب الله خيرٌ لك مني . قال : والله يا بني لأن تكون في ميزاني أحب إلي من أكون في ميزانك . قال : وأنا والله لأن يكون ما تحب أحب إلى من يكون ما أحب .
وعزى شبيب بن شبة أبا جعفر المنصور بأخيه أبي العباس السفاح فقال : جعل الله ثواب ما رزئت لك أجراً ، وأعقبك عليه صبراً ، وختم لك بعافيةٍ تامةٍ ، ونعمةٍ عامةٍ ، فثواب الله خيرٌ لك منه ، وأحق ما صبر عليه ما ليس إلى تغييره سبيل .
ودخل البلاذري عل علي بن موسى الرضا يعزيه بابنه فقال : أنت تجل عن وصنا ، ونحن نقصر عن عظتك ، وفي علمك ما كفاك ، وفي ثواب الله ما عزاك .

الصفحة 164