كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 168 """"""
من القلادة وسطاها ، فمدار الكنانة على معلاها ، وفخار الحلبة بمحرز مداها . وفي هذه النبذة إشارةٌ إلى ما فرط من الإخوة النبلاء ، ودرج من السادة النجباء ، فإنهم وإن كانوا في رتبة الفضل صدوراً ، وغدوا في سماء النبل بدوراً ، فإن شمس علائك أبهر أضواءً وأزهر أنواراً ، وظل جنابك على بنيهم ومخلفيهم أندى آصالاً وأبرد أسحاراً . نعي إلي - أوشك الله سلوانك ، ولا أخلى من شخصك الكريم مكانك - الوزير أبو فلان ، برد الله ثراه ، وكرم مثواه ، فكأنما طعن ناعيه في كبدي ، وظعن باكيه بذخيرة جلدي . لا جرم أني دفعت إلى غمرةٍ من التلدد ولو صدم بها النجم لحار ، أو دهم بها الحزم لخار ، ثم ثابت إلى نفسي وقد وقذها الجزع ، وعضها الوجع ، فأطلت الاسترجاع ، وجمعت الجلد الشعاع ، وها أنا عند الله أحتسبه جماع فضائل ، وجمال محافل ، وحديقة مكارمٍ صوحت ، وصحيفة محاسنٍ درست وانمحت . وما اقتصرت من رسم التعزية المألوف ، على القليل المحذوف ، فبك يقتدي اللبيب ، وعلى مثالك يحتذي الأديب ، وإلى غرضك من كل موطنٍ يوفى المصيب ، وفي تجافي الأقدار عن حوبائك ، وسقوطها دون فنائك ، ما يدعوا إلى التعزية . لا صدع الله جمعك ، ولا قرع بنبأة المكروه سمعك .
ومن إنشاء القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني : ورد الخبر بمصرع فلان الذي عز على المعالي ، وعزيت به الليالي ، وسقط به نجم الشرف وهوى ، وجف به روض الكرم وذوى ، ونقصت الأرض من أطرافها ، ورجفت الجبال من أعرافها ، وبكيت عليه السماء فإن يده كانت من سحبها ، وتناثرت