كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 209 """"""
تبدلت الأشياء حتى خلتها . . . ستثني غروب الشمس من حيث تطلع
لها صيحةٌ في كل روحٍ ومهجةٍ . . . وليست لشيءٍ ما خلا القلب تسمع
أإدريس ضاع المجد بعدك كله . . . ورأى الذي يرجوه بعدك أضيع
وغودر وجه العرف الأسود بعد ما . . . يرى وهو كالبكر الكعاب تصنع
وأصبحت الأحزان لا لمبرةٍ . . . تسلم شزراً والمعالي تودع
وضل بك المرتاد من حيث يهتدي . . . وضرت بك الأيام من حيث تنفع
وأضحت قريحات القلوب من الجوى . . . تقيظ ولكن المدامع تربع
عيونٌ حفظن الليل فيك محرماً . . . وأعطينك الدمع الذي كان يمنع
وقد كان يدعى لابس الصبر حازماً . . . فأصبح يدعى حازماً حين يجزع
وقالوا عزاءً : ليس للموت مدفعٌ . . . فقلت : ولا للحزن للمرء مدفع
لإدريس يومٌ ما تزال لذكره . . . دموعي وإن سكنتها تتفرع
ولما نضا ثوب الحياة وأوقعت . . . به نائبات الدهر ما يتوقع
غدا ليس يدري كيف يصنع معدمٌ . . . درى دمعه من وجده كيف يصنع
وماتت نفوس الغالبيين كلهم . . . وإلا فصبر الغالبيين أجمع
غدوا في زوايا نعشه وكأنما . . . قريشٌ قريشٌ حين مات مجمع
ولم أنس سعي الجود خلف سريره . . . بأكسف بالٍ يستقيم ويظلع
وتكبيره خمساً عليه معالناً . . . وإن اكن تكبير المصلين أربع
وما كنت أدري يعلم الله قبلها . . . بأن الندى في أهله يتشيع
وقمنا فقلنا بعد أن أفرد الثرى . . . به ما يقال في السحابة تقلع