كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 216 """"""
جليلة عنك فإن قيامها فيه شماتةٌ وعارٌ علينا عند العرب ، فقالت لها : أخرجي عن مأتمنا ، فأنت أخت واترنا وشقيقة قاتلنا ، فخرجت وهي تجر أعطافها ، فلقيها أبوها مرة فقال لها : ما وراءك يا جليلة ؟ فقالت : ثكل العدد ، وحزن الأبد ، وفقد خليلٍ ، وقتل أخٍ عن قليل ، وبين ذلك غرس الأحقاد ، وتفتت الأكباد . فقال لها : أو يكف ذلك كرم الصفح وإغلاء الديات ؟ فقالت جليلة : أمنية مخدوعٍ ورب الكعبة ، أبالبدن تدع لك وائل دم ربها قال : ولما رحلت جليلة قالت أخت كليب : رحلة المعتدي وفراق الشامت ويلٌ غداً لآل مرة ، من الكرة بعد الكرة وبلغ قولها جليلة فقالت : وكيف تشمت الحرة بهتك سترها وترقب وترها أسعد الله أختي ، ألا قالت : نفرة الحياء وخوف الأعداء ثم أنشأت تقول :
يا بنة الأقوام إن لمت فلا . . . تعجلي باللوم حتى تسألي
فإذا أنت تبينت الذي . . . يوجب اللوم فلومي واعذلي
إن تكن أخت امرئٍ ليمت على . . . جزعٍ منها عليه فافعلي
جل عندي فعل جساس فيا . . . حسرتا عما انجلت أو تنجلي
فعل جساس على ضني به . . . قاطعٌ ظهري ومدنٍ أجلي
لو بعين فقئت عينٌ سوى . . . أختها وانفقأت لم أحفل
تحمل العين قذى العين كما . . . تحمل الأم أذى ما تفتلي
إنني قاتلةٌ مقتولةٌ . . . فلعل الله أن يرتاح لي
يا قتيلاً قوض الدهر به . . . سقف بيتي جميعاً من عل
ورماني فقده من كثبٍ . . . رمي المصمى به المستأصل

الصفحة 216