كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 240 """"""
ناسٍ وعذراتٌ وخرقٌ وعظام ، ثم قال : " يا أبا هريرة هذه الرءوس كانت تحرص كحرصكم وتأمل آمالكم هي اليوم عظامٌ بلا جلدٍ ثم هي صائرةٌ رماداً وهذه العذرات هي ألوانٌ أطعمتهم اكتسبوها من حيث اكتسبوها ثم قذفوها في بطونهم فأصبحت والناس يتحامونها وهذه الخرق البالية كانت رياشهم ولباسهم فأصبحت الرياح تصفقها وهذه العظام عظام دوابهم التي كانوا ينتجعون عليها أطراف البلاد فمن كان باكياً على الدنيا فليبك " . قال : " فما برحنا حتى اشتد بكاؤنا . وقال الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " الدنيا موقوفةٌ بين السماء والأرض منذ خلقها الله تعالى لا ينظر إليها وتقول يوم القيامة : يا رب اجعلني لأدنى أوليائك نصيباً اليوم فيقول اسكتي يا لا شيء إني لم أرضك لهم في الدنيا أأرضاك لهم اليوم " وقال ( صلى الله عليه وسلم ) : " ليجيئن أقوامٌ يوم القيامة وأعمالهم كجبال تهامة فيؤمر بهم إلى النار " . قالوا : يا رسول الله ، مصلين ؟ قال : " نعم كانوا يصلون ويصومون ويأخذون هنةً من الليل فإذا عرض لهم من الدنيا شيءٌ وثبوا عليه " . وقال ( صلى الله عليه وسلم ) في بعض خطبه : " المؤمن بين مخافتين بين أجلٍ قد مضى لا يدري ما الله صانعٌ فيه وبين أجلٍ قد بقى لا يدري ما الله قاضٍ فيه فليتزود العبد من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته ومن حياته لموته ومن شبابه لهرمه فإن الدنيا خلقت لكم وأنتم خلقتم للآخرة والذي نفسي بيده ما بعد الموت مستعتب ولا بعد الدنيا من دارٍ إلا الجنة أو النار " .
قال ( صلى الله عليه وسلم ) : " احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت " . وقال ( صلى الله عليه وسلم ) لأصحابه : " هل منكم من يريد أن يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيراً ألا إنه من رغب في الدنيا وطال أمله فيها أعمى الله قلبه على قدر ذلك ومن زهد في الدنيا وقصر أمله فيها أعطاه الله علماً بغير تعلمٍ وهدًى بغير هدايةٍ ألا إنه سيكون بعدكم قومٌ لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والتجبر ولا الغنى إلا بالفخر والبخل ولا المحبة إلا باتباع الهوى ألا فمن أدرك ذلك الزمان منكم فصبر للفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضاء وهو يقدر على المحبة وصبر