كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 241 """"""
للذل وهو يقدر على العز لا يريد بذلك إلا وجه الله تعالى أعطاه الله ثواب خمسين صديقاً " .
وقال عيسى بن مريم عليه السلام : " ويلٌ لصاحب الدنيا كيف يموت ويتركها ، ويأمنها وتغره ، ويثق بها وتخذله ، وويلٌ للمغترين كيف أرتهم ما يكرهون وفارقهم ما يحبون ، وجاءهم ما يوعدون وويلٌ لمن الدنيا همه ، والخطايا عمله كيف يفتضح غداً بذنبه . وقيل له : علمنا علماً واحداً يحبنا الله عليه ، قال : " أبغضوا الدنيا يحبكم الله " .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ولهانت عليكم الدنيا ولآثرتم الآخرة " . ومن الآثار في ذلك ما حكاه داود بن هلال قال : مكتوبٌ في صحف إبراهيم عليه السلام : يا دنيا ، ما أهونك على الأبرار الذين تصنعت وتزينت لهم إني قذفت في قلوبهم بغضك والصدود عنك ، وما خلقت خلقاً أهون علي منك ، كل شأنك صغير ، وإلى الفناء تصيرين ، قضيت عليك يوم خلقتك ألا تدومي لأحدٍ ولا يدوم أحدٌ لك وإن بخل بك صاحبك وشح عليك . طوبى للأبرار الذين أطلعوني من قلوبهم على الرضا ، ومن ضميرهم على الصدق والاستقامة طوبى لهم مالهم عندي من الخير إذا وفدوا إلى من قبورهم إلا النور يسعى أمامهم والملائكة حافون بهم حتى أبلغهم ما يرجون من رحمتي .
وقال عمار بن سعيد : مر عيسى بن مريم عليه السلام بقريةٍ فإذا أهلها موتى في الأفنية والطرق ، فقال : " يا معشر الحواريين ، إن هؤلاء ماتوا عن سخطةٍ ، ولو ماتوا عن غير ذلك لتدافنوا . فقالوا : يا روح الله ، وددنا أنا علمنا خبرهم ، فسأل الله تعالى فأوحى إليه : إذا كان الليل فنادهم يجيبوك . فلما كان الليل أشرف على نشز ، ثم نادى يا أهل القرية ، فأجابه مجيبٌ : لبيك يا روح الله . فقال : ما حالكم وما قصتكم . قال : بتنا في عافيةٍ وأصبحنا في الهاوية . قال : وكيف ذلك ؟ قال : لحبنا الدنيا وطاعتنا

الصفحة 241