كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 244 """"""
وقال داود الطائي : يا بن آدم ، فرحت ببلوغ أملك ، وإنما بلغته بانقضاء أجلك ، ثم سوفت بعملك ، كأن منفعته لغيرك .
وقال بشر : من سأل الله الدنيا فإنما يسأله طول الوقوف بين يديه .
وقال أبو حازم : ما في الدنيا شيءٌ يسرك إلا وقد ألصق الله إليه شيئاً يسوءك .
وقال الحسن : أهينوا الدنيا ، فوالله ما هي لأحدٍ بأهنأ منها لمن أهانها . وقال أيضاً : إذا أراد الله بعبدٍ خيراً أعطاه عطيةً من الدنيا ثم يمسك ، فإذا نفذ أعاد عليه ، وإذا هان عليه عبدٌ بسط له الدنيا بسطاً .
قال الجنيد : كان الشافعي رحمه اله من المريدين الناطقين بلسان الحق في الدين ، وعظ أخاً له في الله تعالى وخوفه بالله فقال : يا أخي ، إن الدنيا دحض مزلة ، ودار مذلة ، عمرانها إلى الخرائب صائر ، وساكنها إلى القبور زائر ، شملها على الفرقة موقوف ، وغناها إلى الفقر مصروف ، الإكثار فيها إعسار ، والإعسار فيها يسار ، فافزع إلى الله وارض برزق الله . لا تستسلف من دار بقائك في دار فنائك ، فإن عيشك فيءٌ زائل ، وجدارٌ مائل ، أكثر من عملك ، وقصر من أملك . وهذا من أبلغ المواعظ والترغيب .