كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 27 """"""
علي وسكن مني ، وأمر جدي بالانصراف ، وأومأ إلى الجماعة فحدثوني وسقيت أقداحاً وغنى المغنون جميعاً ، وأومأ إلى إسحاق بعينيه أن أبدأ فغن إذا بلغت النوبة إليك قبل أن تؤمر بذلك ليكون أملح وأجمل بك . فلما جاءت النوبة إلي أخذت عوداً ممن كان إلى جنبي وقمت قائماً واستأذنت في الغناء ، فضحك الرشيد وقال : غن جالساً ، فغنيت لحني الأول ، فطرب واستعاده ثلاث مراتٍ وشرب عليه ثلاثة أنصاف . ثم غنيت الثاني فكانت هذه حاله ، فسكر ودعا بمسرورٍ وقال : احمل الساعة مع عبد الله عشرة آلاف دينارٍ وثلاثين ثوباً من فاخر ثيابي وعيبةً مملوءةً طيباً ، فحمل ذلك كله معي . قال عبد الله : ولم أزل كلما أراد ولي عهد أن يعلم من الخليفة بعد الخليفة هو أم غيره دعاني وأمرني أن أغني ، فأعرفه يميني فيستأذن الخليفة في ذلك ، فإن أذن لي في الغناء علم أنه ولي عهدٍ وإلا عرف أنه غيره ، حتى كان آخرهم الواثق فدعاني في أيام المعتصم وسأله أن يأذن لي في الغناء ، فأذن لي ثم دعاني من الغد فقال : ما كان غناؤك إلا سبباً لظهور سري وأسرار الخلفاء قبلي والله لقد هممت أن آمر بضرب رقبتك لا يبلغني أنك امتنعت من الغناء عند أحد ، فوالله لئن امتنعت لأضربن عتقك فأعتق من كنت تملكه يوم حلفت ، وطلق من كان عندك يومئذٍ ، وأرحنا من يمينك هذه المشئومة . فقمت وأنا لا أعقل جزعاً منه ، فأعتقت جميع ما كان بقي عندي من مماليكي الذين حلفت يومئذٍ وهم في ملكي ثم تصدقت بجملة ، واستفتيت في يميني أبا يوسف القاضي حتى خرجت منها ، وغنيت بعد ذلك إخواني جميعاً حتى اشتهر أمري ، وبلغ المعتصم خبري فتخلصت منه . ي فتخلصت منه .
وروى أبو الفرج أيضاً عن الصولي عن الحسين بن يحيى قال : قلت لعبد الله ابن العباس : إنه بلغني لك خبرٌ مع الرشيد أول ما شهرت بالغناء فحدثني به ،