كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 274 """"""
فضله ، وعاملنا بما هو من أهله لا ما نحن من أهله - هو مشرع الظمآن إلى موارد الكرم العذبة ، ومفزع الحيران إذا ألمت به الضائقة وحصرته الكربة ، فبه يتوسل إلى الله تعالى في مطالب الدنيا والآخرة ، ويتوصل إلى النعم الوافية والخيرات الوافرة ، كيف لا وقد أمرنا الرب العظيم بالدعاء والإنابة ، ووعدنا وهو الوفي الكريم بالقبول والإجابة ، وترادفت بفضله الأخبار الصحيحة ، وجاءت بشرفه الآثار الصريحة ، على ما ستقف على ذلك إن شاء الله تعالى واضحاً ، وتعول عليه مقيماً وظاعناً وغادياً ورائحاً . فلازمه في سائر أحوالك ، وتعاهده على بكرك وآصالك ، فستجني إن شاء الله منه ثمار غرسك ، وتجد حلاوة ذلك في قلبك وأنسه في نفسك . واعلم أن للدعاء ، كما قال ابن عطاء ، أركاناً وأجنحةً وأسباباً وأوقاتاً . قال : فإن وافق أركانه قوي ، وإن وافق أجنحته طار في السماوات ، وإن وافق مواقيته فاز ، وإن وافق أسبابه أنجح . فأركانه حضور القلب والرقة والاستكانة والخشوع وتعلق القلب بالله وقطعه من الأسباب . وأجنحته الصدق . ومواقيته الأسحار . وأسبابه الصلاة على محمدٍ ( صلى الله عليه وسلم ) . قال عز وجل : " وإذا سألك عبادي عني فإني قريبٌ أجيب دعوة الداع إذا دعان " . روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " يقول الله تعالى للعبد يوم القيامة أكنت ترى لبعض دعائك الإجابة ولا ترى لبعضه فيقول نعم فيقول له أما إنك ما دعوتني بدعوةٍ إلا وقد استجبت لك فيها أليس دعوتني يوم كذا وكذا فرأيت الإجابة فيقول نعم و يقول ودعوتني يوم كذا وكذا فلم تر الإجابة فيقول نعم فإني ادخرتها لك في الجنة فلا يبقى له دعوةً إلا بينها له حتى يتمنى المؤمن أن دعواته كلها كانت ذخائره في الآخرة " . وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن الدعاء هو العبادة " قال : وقرأ " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " ليس شيءٌ أكرم على الله من الدعاء " . وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " إن الدعاء ينفع مما