كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 310 """"""
فللتوحيد الخاص ، لا يصلحان إلا لمن أبهم عليه أمرٌ من كشف سرٍ من أسرار الله تعالى يعسر على الفكر إدراكه ، فإنه إذا استدام ذكر العليم الحكيم يسر الله عليه علم ما سأل وعرفه الحكمة فيه ، ومنه اسمه البديع أيضاً مثل ذلك . وأما النور ، والباسط ، والظاهر ، فذكر أرباب المكاشفات . ومن أراد أن ينظر شيئاً في منامه فليذكر هذه الأسماء على طهارةٍ وهو في فراشه إلى أن ينام على هذا الذكر ، ويعمل همته فيما يريد فإنه يمثل له في نومه كشف ذلك . وأما القابض ، والأول ، والآخر ، والباطن ، فكلها أسماءٌ للتعظيم والتوحيد .
النمط السادس
الحليم ، الرءوف ، المنان ، الكريم ، ذو الطول ، الوهاب ، الغفور ، الغافر ، العفو ، المجيب . قال : هذا النمط من الأسماء عليه مدار إبقاء الوجود ودفع الأضداد وجمع المتفرق . أما الحليم ، والرءوف ، والمنان ، فذكرٌ للخائفين ، ما داومه من يخاف شيئاً إلا أوجد الله تعالى برد الطمأنينة وسكن روعه . قال البوني : وذكر لي من له إطلاع أنه من استدام هذا الذكر إلى أن يغلب عليه حالٌ منه على خلو معدةٍ ثم أمسك النار لم تعد عليه ، ولو تنفس حينئذٍ على قدرٍ تغلي سكن غليانها بإذن الله تعالى ، ولا يكتبها أحدٌ ويقابل بها من يخاف منه إلا أطفأ الله شره عند رؤيته ، ولا يستديم هذا الذكر من غلبته شهوته إلا نزع الله منه النزوع إليها في أثناء ذكره . وأما الكريم ، الوهاب ، وذو الطول ، فلا يستديم على هذا الذكر من قدر عليه رزقه ومسته حاجةٌ إلا يسر الله عليه من حيث لا يشعر ، ومن نقش هذه الأسماء وعلقها عليه لم يدر كيف ييسر الله عليه المطالب من غير عسر . وأما الغفور ، والغافر ، والعفو ، فنظمٌ متقاربٌ لسؤال دفع المؤلم خصوصاً من آلام الدين والدنيا . وأما المجيب ، فيذكر في آخر الدعوات .
النمط السابع
الكافي ، الغني ، الفتاح الرزاق ، الودود ، اللطيف ، الواسع ، الشهيد ، نعم المولى ونعم النصير . قال : هذا النمط من الأسماء جليل القدر ، به ينزل الله الرغائب من كل مفضولٍ به على أحدٍ من عباده . فاسمه الكافي ، والغني ، والفتاح ، والرزاق لا يذكر أحدٌ هذه الأسماء الأربعة وهو يتمنى شيئاً لم تبلغه أمنيته إلا بلغه بإذن الله تعالى

الصفحة 310