كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 311 """"""
من جهةٍ لا يعتمد عليها لم تخطر بباله . لا يذكر أحدٌ هذا الذكر على القليل إلا كثره الله ولا على طعامٍ إلا ظهرت فيه زيادة ، ولا يذكره من هو في رتبةٍ وهمته طالبةٌ أعلى منها إلا يسر الله له الوصول إليها . وأما الودود ، واللطيف ، والواسع ، والشهيد ، فنمطٌ جليل النظم لأرباب الهجوع والخلوة ، واللطيف خصوصاً لتفريج الكرب في أوقات الشدائد لا يضاف إليه غيره ، لا يذكره من يؤلمه شيءٌ في نفسه وبدنه إلا أزاله الله عنه أثناء الذكر .
النمط الثامن
الشديد ذو القوة ، المتين ، السريع ، الرقيب ، المقتدر ، القاهر ، الوارث ، الباعث ، القوي . هذا النمط من الأسماء عظيم الشأن فأما الشديد ، وذو القوة ، والقاهر ، والمقتدر ، فهي أسماء القهر لا يذكرها ضعيف الهمة إلا قويت نفسه ، ولا يدعو بها أحدٌ على ظالمٍ في احتراق الشهر في السابعة من الليل في بيتٍ مظلمٍ حاسر الرأس على الأرض لا حائل بينه وبينها مائة مرةٍ يقول في آخرها : يا شديد خذ لي بحقي من فلانٍ ، ولا يشخص شيئاً فالله أعلم بما يعمل . قال : وقد جرب مئين من المرات . ولا ينقشها أحدٌ في خاتمٍ ويتختم به إلا ألبسه الله تعالى مهابةً يدركها من نفسه ويدركها غيره منه ، ويرتاع منه كل جبارٍ عنيدٍ عند رؤيته ، حتى كأن الجبال على كاهله ما دام ينظر إلى من هو معه . وأما السريع ، والرقيب ، والمتين ، فذكرٌ لأرباب المراقبة في الأفعال تنفتح لهم بذلك مكاشفاتٌ وأسرارٌ . وأما الوارث ، والباعث ، فلحكمة الاعتبار والتصديق بآثار القدرة .
النمط التاسع
التواب ، الشاكر ، الولي ، الحسيب ، الوكيل ، القريب ، الصادق ، البر ، الباقي ، الخلاق . قال : هذا القسم مرتبٌ على مقامات السالكين ، فالتواب للتائبين ، والشاكر للشاكرين ، والولي للأولياء ، والحسيب لأهل الكفاية ، والوكيل للمتوكلين ، والقريب من أهل القرب ، والصادق مع الصادقين ، والبر مع أهل البر ، والباقي مع أهل الشهداء ، والخلاق لذوي الاعتبار . وللمشايخ في هذا الميدان مجالٌ رحبٌ بحسب اختلاف أحوالهم .

الصفحة 311