كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 35 """"""
وروى أبو الفرج عن أحمد بن صدقة قال : اجتزت بخالد بن يزيد الكاتب ، فقلت له : أنشدني بيتين من شعرك حتى أغني فيهما . فقال : وأي حظٍ لي في ذلك تأخذ أنت الجائزة وأحصل أنا على الإثم فحلفت أني إن أخذت بشعره فائدةً جعلت له فيها حظاً ، وأذكرت به الخليفة وسألته فيه . فقال : أما الحظ من جهتك فأنت أنذل من ذلك ، ولكن عسى أن تفلح في مسئلة الخليفة ، وأنشدني :
تقول سلا ، فمن المدنف . . . ومن عينه أبداً تذرف
ومن قلبه قلقٌ خافقٌ . . . عليك وأحشاؤه ترجف
فلما جلس المأمون للشرب دعاني ، وكان قد غضب على حظيةٍ له ، فحضرت مع المغنين . فلما طابت نفسه وجهت إليه بتفاحةٍ من عنبرٍ عليها مكتوبٌ بالذهب : يا سيدي سلوت ، وما علم الله أني عرفت شيئاً من خبرهما . وانتهى الدور إلي فغنيت البيتين ، فاحمر وجه المأمون وانقلبت عيناه وقال : يا بن الفاعلة ، لك علي وعلى حرمي صاحب خبرٍ فوثبت وقلت : يا سيدي ، ما السبب ؟ قال : من أين عرفت قصتي مع جاريتي حتى غنيت في معنى ما بيننا ؟ فحلفت أني لم أعرف شيئاً من ذلك ، وحدثته بحديثي مع خالد ، فلما انتهيت إلى قوله : أنت أنذل من ذلك ضحك وقال : صدق ، وعجب من هذا الاتفاق ، وأمر لي بخمسة آلاف درهم ولخالدٍ بمثلها .
وروى عنه أيضاً قال : دخلت على المأمون في يوم الشعانين وبين يديه عشرون وصيفةً جلبٌ ورومياتٌ مزنراتٌ قد تزين بالديباج الرومي ، وعلقن في

الصفحة 35