كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 4 """"""
لوليته القضاء بحضرتي ، فإنه أولى به وأعف وأصدق وأكثر ديناً وأمانةً من هؤلاء القضاة . وقد روى الحديث ولقي أهله مثل مالك بن أنس وسفيان بن عينينة وهشيم بن بشير وإبراهيم بن سعد وأبي معاوية الضرير وروح ابن عبادة وغيرهم من شيوخ العراق والحجاز . وكان مع كراهته للغناء أضن خلق الله به وأشدهم بخلاً على كل أحدٍ حتى على جواريه وغلمانه ومن يأخذ عنه منتسباً إليه ومتعصباً له فضلاً عن غيرهم . قال : وهو صحح أجناس الغناء وطرائقه وميزها تمييزاً لم يقدر عليه أحدٌ قبله .
وقال محمد بن عمران الجرجاني : كان والله إسحاق غرةً في زمانه ، وواحداً في عصره علماً وفهماً وأدباً ووقاراً وجودة رأي وصحة مودة . وكان الله يخرس الناطق إذا نطق ، ويحير السامع إذا تحدث ، لا يمل جليسه مجلسه ، ولا تمج الآذان حديثه ، ولا تنبو النفس عن مطاولته . إن حدثك ألهاك ، وإن ناظرك أفادك ، وإن غناك أطربك . وما كانت خصلةٌ من الأدب ، ولا جنسٌ من العلم يتكلم فيه إسحاقٌ فيقدم أحدٌ على مساجلته أو مناوأته فيه .
حكى أبو الفرج عن إسحاق قال : دعاني المأمون وعنده إبراهيم بن المهدي وفي مجلسه عشرون جاريةً قد أجلس عشراً عنة يمينه وعشراً عن شماله . فلما دخلت سمعت من الناحية اليسرى خطأً فأنكرته . فقال المأمون أسمعت خطأً ؟ قلت : نعم يا

الصفحة 4