كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 43 """"""
وأخبار ابن جدعان كثيرةٌ وسيادته في الجاهلية مشهورة ، ليس هذا موضع إيرادها ، وإنما أوردنا ما أوردنا منها في هذا الموضع على سبيل الاستطراد ، فالشيء بالشيء يذكر . فلنرجع إلى أخبار القيان .
ذكر أخبار جميلة
هي جميلة مولاة بني سليم ، ثم مولاة بطن منهم يقال لهم بنو بهز ، وكان لها زوجٌ من موالي بني الحارث بن الخزرج ، وكان ينزل فيهم ، فغلب عليها ولاء زوجها فقيل لها : مولاة الأنصار . وقد قيل : إنها كانت لرجلٌ من الأنصار ينزل بالسنح . وقيل : كانت مولاة الحجاج بن علاط السلمي . قال أبو الفرج الأصفهاني : وهي أصلٌ من أصول الغناء ، أخذ عنها معبد وابن عائشة وحبابة وسلامة وعقيلة والعتيقة وغيرهم . وفيها يقول عبد الرحمن بن أرطاة :
إن الدلال وحسن الغنا . . . ء وسط بيوت بني الخزرج
وتلكم جميلة زين النساء . . . إذا هي تزدان للمخرج
إذا جئتها بذلت ودها . . . بوجهٍ منيرٍ لها أبلج قال : وكانت جميلة أعلم خلق الله بالغناء . وكان معبد يقول : أصل الغناء جميلة وفرعه نحن ، ولولا جميلة لم نكن نحن مغنين . قال : وسئلت جميلة : أنى لك هذا الغناء ؟ قالت : والله ما هو إلهامٌ ولا تعليم ، ولكن أبا جعفر سائب خاثر كان جارنا ، وكنت أسمعه يغني ويضرب بالعود فلا أفهمه ، فأخذت تلك النغمات وبنيت عليها غنائي ، فجاءت أجود من تأليف ذلك الغناء ، فعلمت وألقيت ، فسمعني مولياتي يوماً وأنا أغني سراً ، ففهمني ودخلن علي وقلن : قد علمنا ما تكتمين وأقسمن علي ،

الصفحة 43