كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 45 """"""
وروى الأصفهاني أن ابن أبي عتيق وابن أبي ربيعة والأحوص بن محمدٍ الأنصاري أتوا منزل جميلة واستأذنوا عليها فأذنت لهم . فلما جلسوا سألت عن عمر ، فقال لها : إني قصدتك من مكة للسلام عليك ، فقالت : أهل الفضل أنت . قال : وقد أحببت أن تفرغي لنا نفسك اليوم وتخلي مجلسك ، قالت : أفعل . فقال لها الأحوص : أحب ألا تغني إلا بما نسألك ، فقالت : ليس المجلس لك ، القوم شركاؤك ، فقال : أجل . قال عمر : فإني أرى أن نجعل الخيار إليها . قال ابن أبي عتيق : وفق الله . فدعت بعود فغنت :
تمشي الهوينى إذا مشت فضلاً . . . مشي النزيف المخمور في الصعد
تظل من بعد بيت جارتها . . . واضعةً كفها على الكبد
يا من لقلبٍ متيمٍ سدمٍ . . . عانٍ رهينٍ مكلم كمد
أزجره وهو غير منزجرٍ . . . عنها بطرفٍ مكحل السهد
قال راوي هذه الحكاية : فلقد سمعت للبيت زلزلةً وللدار همهمةً . فقال عمر : لله درك يا جميلة ماذا أعطيت أنت أول الغناء وآخره ثم سكتت ساعةً وأخذت العود فغنت ، فطرب القوم وصفقوا بأيديهم وفحصوا بأرجلهم وحركوا رءوسهم ، وقالوا : نحن فداؤك من المكروه ، ما أحسن ما غنيت وأجمل ما قلت ،

الصفحة 45