كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 48 """"""
ربيعة : أقسمت على من كان في قلبه حبٌ لسماع غنائها إلا خرج معها إلى المدينة ، فإني خارجٌ معها . فخرجت في جمعٍ كثيرٍ من الأشراف وغيرهم أكثر من جمعها بالمدينة . فلما قدمت المدينة تلقاها الناس والأشراف من الرجال والنساء ، فدخلت بأحسن مما خرجت منها ، وخرج الرجال والنساء فوقفوا على أبواب دورهم ينظرون إلى جمعها وإلى القادمين معها . فلما دخلت إلى منزلها وتفرق الناس إلى منازلهم ونزل أهل مكة على أقاربهم وإخوانهم ، أتاها الناس مسلمين ، وما استنكف من ذلك صغيرٌ ولا كبير . فلما مضى لمقدمها عشرة أيامٍ جلست للغناء ، وقالت لعمر بن أبي ربيعة : إني جالسةٌ لك ولأصحابك ، فإذا شئت فعد الناس . فغصت الدار بالأشراف من الرجال والنساء ، وابتدأت جميلة فغنت بشعرٍ لعمر بن أبي ربيعة :
هيهات من أمة الرحمن منزلنا . . . إذا حللنا بسيف البحر من عدن
واحتل أهلك أجياداً فليس لنا . . . إلا التذكر أو حظ من الحزن
لو أنها أبصرت بالجزع عبرته . . . وقد تغرد قمرى على ففن
إذا رأت غير ما ظنت بصاحبها . . . وأيقنت أن لحجاً ليس من وطني
ما أنس لا أنس يوم الخيف موقفها . . . وموقفي وكلانا ثم ذو شجن
وقولها للثريا وهي باكيةٌ . . . والدمع منها على الخدين ذو سنن
بالله قولي من غير معتبةٍ . . . ماذا أردت بطول المكث في اليمن
إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها . . . فما أصبت بترك الحج من ثمن

الصفحة 48