كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 49 """"""
فكلهم استحسن الغناء ، وضج القوم لحسن ما سمعوا ، وبكى عمر حتى جرت دموعه على ثيابه ولحيته . ثم أقبلت على ابن سريجٍ فقالت : هات ، فغنى صوته بشعرٍ لعمر :
أليست بالتي قالت . . . لمولاةٍ لها ظهرا
أشيري بالسلام له . . . إذا ما نحونا نظرا
وقولي في ملاطفةٍ . . . لزينب نولي عمرا
وهذا سحرك النسوا . . . ن قد خبرنني الخبرا ثم قالت لسعيد بن مسجح : هات يا أبا عثمان ، فاندفع فغنى . ثم قالت : يا معبد هات ، فاندفع فغنى فاستحسنته . ثم قالت : هات يا بن محرز ، فإني لم أؤخرك لخساسةٍ بك ولا جهلاً بالذي يجب بالصناعة ، ولكني رأيتك تحب من الأمور كلها أوسطها وأعدلها . فجعلتك حيث تحب واسطةً بين المكيين والمدنيين ، فغنى . ثم قالت للغريض : هات يا مولى العبلات ، فغنى بشعر عمرو بن شأس الأبيات ، وفي آخرها :
أرادت عراراً بالهوان ومن يرد . . . عراراً لعمري بالهوان فقد ظلم
فقالت : أحسن عمرو بن شأس ولم تحسن ، إذ أفسدت غناءك بالتعريض ، ووالله ما وضعناك إلا موضعك ولا نقصانك من حظك ، فبماذا أهناك ثم أقبلت على الجماعة فقالت : يا هؤلاء اصدقوه وعرفوه نفسه ليقنع بمكانه . فأقبل القوم عليه وقالوا يا أبا زيد ، قد أخطأت إن كنت عرضت . فقال : قد كان ذلك ، ولست بعائد ، وقام إلى جميلة فقبل طرف ثوبها واعتذر ، فقبلت عذره وقالت : لا تعد ، وأقبلت على ابن عائشة فقالت : يا أبا جعفر ، هات ، فغنى ، فقالت : حسنٌ ما قلت . ثم أقبلت على نافع وبديح فقالت : أحب أن تغنيا جميعاً بصوتٍ ولحنٍ واحد ، فغنيا . ثم أقبلت على الهذليين الثلاثة فقالت : غنوا صوتاً واحدا ، فاندفعوا فغنوا . ثم أقبلت على نافع ابن

الصفحة 49