كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 5 """"""
أمير المؤمنين . فقال لإبراهيم بن المهدي : هل تسمع خطأ ؟ قال : لا . قال : فأعاد علي السؤال ، فقلت بلى والله يا أمير المؤمنين ، وإنه لفي الجانب الأيسر . فأعاد إبراهيم سمعه إلى الناحية اليسرى ثم قال : لا والله يا أمير المؤمنين ما في هذه الناحية خطأ . فقلت يا أمير المؤمنين ، مر الجواري اللاتي على اليمين يمسكن ، فأمرهن فأمسكن ، ثم قلت لإبراهيم : هل تسمع خطأ ؟ فتسمع ثم قال : ما هاهنا خطأ . فقلت يا أمير المؤمنين ، يمسكن وتضرب الثانية ، فأمسكن وضربت الثانية ، فعرف إبراهيم الخطأ فقال : نعم يا أمير المؤمنين ، هاهنا خطأ . فقال المأمون عند ذلك لإبراهيم بن المهدي : لا تمار إسحاق بعدها ، فإن رجلاً عرف الخطأ بين ثمانين وتراً وعشرين حلقاً لجديرٌ ألا تماريه ، قال : صدقت .
وقال ابن حمدون : سمعت الواثق يقول : ما غناني إسحاق قط إلا ظننت أنه قد زيد في ملكي ، ولا سمعته قط يغني غناء ابن سريج إلا ظننته أن ابن سريج قد نشر ، وإني ليحضرني غيره إذا لم يكن حاضراً ، فيتقدمه عندي بطيب الصوت ، حتى إذا اجتمعا عندي رأيت إسحاق يعلو ورأيت من ظننت أنه يتقدمه ينقص . وإن إسحاق لنعمةٌ من نعم الملوك لم يحظ أحدٌ بمثلها . ولو أن العمر والشباب والنشاط مما يشترى لاشتريتهن له بشطر ملكي .
وحكى عن أحمد بن المكي عن أبيه قال : كان المغنون يجتمعون مع إسحاق وكلهم أحسن صوتاً منه ولم يكن فيه عيبٌ إلا صوته فيطمعون فيه ، ولا يزال بلطفه وحذقه ومعرفته حتى يغلبهم جميعاً ويفضلهم ويتقدم عليهم . قال : وهو أول من أحدث المجتث ليوافق صوته ويشاكله فجاء معه عجباً من العجب ، وكلن في حلقه نبؤ عن الوتر . وحكى قال : سأل إسحاق الموصلي المأمون أن يكون دخوله مع أهل العلم والأدب والرواة لا مع المغنين ، فإذا أراد الغناء غناه ، فأجابه إلى ذلك . ثم سأله بعد مدةٍ طويلةٍ أن يأخذ له في الدخول مع الفقهاء فأذن له ، قال : فكان يدخل ويده في يد

الصفحة 5