كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 50 """"""
طنبورة فقالت : هات يا نقش الغضارة ويا حسن اللسان ، فاندفع فغنى ، فقالت : حسنٌ والله . ثم قالت : يا مالك هات ، فإني لم أؤخرك لأنك في طبقة آخرهم ، ولكن أردت أن أختم بك ، يومنا تبركاً بك ، وكي يكون أول مجلسنا كآخره ووسطه كطرفه ، فإنك عندي ومعبداً في طريقةٍ واحدةٍ ومذهبٍ واحد ، لا يدفع ذلك إلا ظالمٌ ولا ينكره إلا عاضلٌ للحق ، والحق أقول ، فمن شاء أن ينكر ، فسكت القوم كلهم إقراراً بما قالت . فاندفع فغنى :
عدوٌ لمن عادت وسلمٌ لسلمها . . . ومن قربت سلمى أحب وقربا
هبيني امرأً إما بريئاً ظلمته . . . وإما مسيئاً تاب بعد وأعتبا
أقول التماس العذر لما ظلمتني . . . وحملتني ذنباً وما كنت مذنبا
ليهنك إشمات العدو بهجرنا . . . وقطعك حبل الود حتى تقضبا
فقالت جميلة : يا مالك ، ليت صوتك قد دام لنا ودمنا له وقطعت المجلس ، وانصرف عامة الناس وبقي خواصهم . قال : ولما كان في اليوم الثاني حضر القوم جميعاً . فقالت لطويس : هات يا أبا عبد النعيم ، فغنى :
قد طال ليلي وعادني طربي . . . من حب خودٍ كريمة الحسب
غراء مثل الهلال آنسةٍ . . . أو مثل تمثال صورة الذهب
صادت فؤادي بجيد مغزلةٍ . . . ترعى رياضاً ملتفة العشب
فقالت جميلة : حسنٌ والله يا أبا عبد النعيم . ثم قالت للدلال : هات يا أبا يزيد ، فغنى ، فاستحسنت غناءه . ثم قالت لهنب : إنا نجلك اليوم لكبر سنك ورقة عظمك ، فقال : أجل . ثم قالت لبرد الفؤاد ونومة الضحى : هاتيا جميعاً لحناً واحداً ، فغنيا ، فقالت : أحسنتما . ثم قالت لفند وزجة وهبة الله : هاتوا جميعاً صوتاً واحداً ، إنكم متفقون في الأصوات ، فاندفعوا فغنوا . ثم غنت جميلة بشعر الأعشى :