كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 51 """"""
بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا . . . واحتلت الغور فالجدين فالفرعا
واستنكرتني وما كان الذي نكرت . . . من الحوادث إلا الشيب والصلعا
تقول بنتي وقد قربت مرتحلاً . . . يارب جنب أبي الأوصاب والوجعا
وكان شيءٌ إلى شيءٍ فغيره . . . دهرٌ ملحٌ على تفريق ما جمعا
قال : فلم يسمع شيءٌ أحسن من ابتدائها بالأمس وختمها في اليوم ، وقطعت المجلس وانصرف قومٌ وأقام آخرون . فلما كان في اليوم الثالث اجتمع الناس فضربت ستارةً وأجلست الجواري ، فضربن كلهن ، وضربت هي فضربت على خمسين وتراً فزلزلت الدار . ثم غنت على عودها وهن يضربن على ضربها :
فإن خفيت كانت لعينك قرةً . . . وإن تبد يوماً لم يعممك عارها
من الخفرات البيض لم تر غلظةً . . . وفي الحسب الضخم الرفيع نجارها
فما روضةٌ بالحزن طيبة الثرى . . . يمج الندى جثجاثها وعرارها
بأطيب من فيها إذا جئت موهناً . . . وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها فدمعت أعين كثيرٍ حتى بلوا ثيابهم وتنفسوا الصعداء ، وقالوا : بأنفسنا أنت جميلة ثم قالت للجواري : اكففن فكففن ، وقالت : يا عز غني ، فغنت بشعرٍ لعمر :
تذكرت هنداً وأعصارها . . . ولم تفض نفسك أوطارها
تذكرت النفس ما قد مضى . . . وهاجت على العين عوارها
لتمنح رامة منا الهوى . . . وترعى لرامة أسرارها
إذا لم تزرها حذار العدا . . . حسدنا على الزور زوارها