كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 56 """"""
فتاتان أما منهما فشبيهة ال . . . هلال وأخرى منهما تشبه الشمسا
تكنان أبشاراً رقاقاً وأوجهاً . . . عتاقاً وأطرافاً مخضبةً ملسا
فغنته سلامة فاستحسنه . وقال ابن قيس الرقيات للأحوص : يا أخا الأنصار ، ما قلت ؟ قال قلت :
سلامٌ هل لمتيمٍ تنويل . . . أم قد صرمت وغال ودك غول
لا تصرمني عني ولاءك إنه . . . حسنٌ لدي وإن بخلت جميل
أزعمت أن مودتي وصبابتي . . . كذبٌ وان زيارتي تقليل فغنت الأبيات . فقال ابن قيس الرقيات : أحسنت والله ما أظنك إلا عاشقةً لهذا الجلف . فقال له الأحوص : وما الذي أخرجك إلى هذا ؟ قال : حسن غنائها بشعرك ، فلولا أن لك في قلبها محبةً مفرطةً ما جاء هكذا حسناً على هذه البديهة فقال الأحوص : على قدر حسن شعري على شعرك هكذا حسن الغناء به . وما هذا منك إلا حسدٌ ، وليس ذلك إلا ما حسدت عليه . فقالت سلامة : لولا أن الدخول بينكما يوجب بغضةً لحكمت بينكما حكومةً لا يردها أحد . قال الأحوص : فأنت من ذلك آمنة . قال قس بن الرقيات : كلا قد أمنت أن تكون الحكومة عليك ، فلذلك سبقت بالأمان لها . فتفرقا على ذلك . ثم مشى ابن قيس الرقيات إلى الأحوص فاعتذر إليه فقبل عذره . ومن شعر الأحوص فيها :
سلامٌ إنك قد ملكت فأسجحي . . . قد يملك الحر الكريم فيسجح
مني على عانٍ أطلت عناءه . . . في الغل عندك والعناة تسرح
إني لأنصحكم وأعلم أنه . . . سيان عندك من يغش وينصح
وإذا شكوت إلى سلامة حبها . . . قالت أجدٌ منك ذا أم تمزح