كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 58 """"""
وقيل : لسهيل بن عبد الرحمن بن عوف . وكانت حبابة جارية آل لاحق ، فاشتراهما جميعاً ، فاشترى سلامة بعشرين ألف درهم ، وتسلمها رسل يزيد فخرجوا بها وشيعها الناس . فلما نزلت سقاية سليمان بن عبد الملك قالت للرسل : إن لي قوماً كانوا يغشوني ويسلمون علي ، ولا بد لي من وداعهم والسلام عليهم ، فأذن للناس عليها ، فأتوا حتى ملؤا رحبة القصر والفناء ، ووقفت هي بينهم بارزةً ومعها العود فغنت :
فارقوني وقد علمت يقيناً . . . ما لمن ذاق ميتةً من إياب
إن أهل الحصاب قد تركوني . . . موزعاً مولعاً بأهل الحصاب
أهل بيتٍ تتابعوا للمنايا . . . ما على الدهر بعدهم من عتاب
كم بذاك الحجون من حي صدقٍ . . . من كهولٍ أعفةٍ وشباب
سكنوا الجزع جزع بيت أبي مو . . . سى إلى النخل من صفي السباب
فلي الويل بعدهم وعليهم . . . صرت فرداً وملني أصحابي قال : فلم تزل تردد هذا الصوت حتى راحت ، وانتحب الناس بالبكاء عند ركوبها ، فما شئت أن ترى باكياً نبيلاً إلا رأيته .
قالوا : وكانت حبابة عند يزيد متقدمةً على سلامة ، وكانت حبابة تنظر إلى سلامة بتلك العين الجميلة المتقدمة وتعرف فضلها عليها ، فلما رأت أثرةً يزيد لها ومحبته إياها استخفت بها . فقالت لها سلامة : أي أخية ، نسيت فضلي عليك ويلك أين تأديب الغناء أين حق التعليم أنسيت قول جميلة لك وهي تطارحنا : خذي إحكام ما