كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 59 """"""
أطارحك من أختك سلامة ، فلا تزالين بخيرٍ ما بقيت لك وكان أمركما مؤتلفاً . فقالت : صدقت : والله لا عدت لشيءٍ تكرهينه أبداً . وماتت حبابة وعاشت سلامة بعدها دهراً . ولما مات يزيد أحضرها ابنه الوليد وأمرها بالغناء ، فتنغصت من ذلك وبكت ، ثم غنته . فقال : رحم الله أبي وأطال عمري وأمتعني بحسن غنائك . يا سلامة ، بم كان أبي يقدم حبابة عليك ؟ قالت : لا أدري والله . قال : لكنني أدري ذلك ، بما قسم الله عز وجل لها ، قالت : يا سيدي أجل ، وهي إحدى من اتهم بهن الوليد من جواري أبيه .
ذكر أخبار حبابة
كانت حبابة جاريةً مولدةً من مولدات المدينة لرجلٍ من أهلها يعرف بابن دبابة ، وقيل : بل كانت لآل لاحق المكيين ، وقيل : كانت لرجلٍ يعرف بابن مينا . وكانت تسمى العالية ، فسماها يزيد بن عبد الملك لما اشتراها حبابة . وكانت حلوةً جميلة الوجه ظريفةً حسنة الغناء طيبة الصوت ضاربةً بالعود . أخذت الغناء عن ابن سريج وابن محرز ومالك بن أبي السمح ومعبد وعن جميلة وعزة الميلاء .
وكان يزيد بن عبد الملك يقول : ما تقر عيني ما أوتيت من الخلافة حتى أشتري سلامة جارية مصعب بن سليم وحبابة جارية ابن لاحق المكية . فأرسل فاشتريتا له . فلما اجتمعنا عنده قال : أنا الآن كما قال الأول :
فألقت عصاها واستقر بها النوى . . . كما قر عيناً بالإياب المسافر
وكان يزيد بن عبد الملك في خلافة أخيه سليمان قد قدم المدينة فتزوج سعدة بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان على عشرين ألف دينار ، وربيحة بنت محمد بن علي ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب على مثل ذلك ، واشترى العالية بأربعة آلاف دينار . فبلغ ذلك سليمان فقال : لأحجرن عليه . فبلغ يزيد ذلك فاستقال مولى حبابة ، ثم اشتراها بعد ذلك رجلٌ من أهل إفريقية . فلما ولي يزيد اشترتها