كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 6 """"""
قاضي القضاة يحيى بن أكثم . ثم سأل إسحاق المأمون في لبس السواد يوم الجمعة والصلاة معه في المقصورة ، قال : فضحك المأمون وقال : ولا كل هذا يا إسحاق وقد اشتريت منك هذه المسألة بمائة ألف دينارٍ وأمر له بها .
وكان لإسحاق مع إبراهيم بن المهدي مخاطباتٌ ومنازعاتٌ ومحاوراتٌ بسبب الغناء ، وكان الرشيد ينصر إسحاق على إبراهيم أخيه . من ذلك ما حكاه إسحاق قال : كنت عند الرشيد يوماً ، وعنده ندماؤه وخاصته وفيهم إبراهيم بن المهدي ، فقال لي الرشيد : غن :
شربت مدامةً وسقيت أخرى . . . وراح المنتشون وما انتشيت فغنيته . فأقبل على إبراهيم بن المهدي فقال لي : ما أصبت يا إسحاق ولا أحسنت . فقلت له : ليس هذا مما تعرفه ولا تحسنه ، وإن شئت فغنه فإن لم أجدك أنك تخطئ فيه منذ ابتدائك إلى انتهائك فدمي حلال . ثم أقبلت على الرشيد فقلت : يا أمير المؤمنين ، هذه صناعتي وصناعة أبي ، وهي التي قربتنا منك واستخدمتنا لك فأوطأتنا بساطك ، فإذا نازعنا أحدٌ بغير علمٍ لم نجد بداً من الإفصاح والذب ، فقال : لا غرور ولا لوم عليك . وقام الرشيد ليبول ، فأقبل إبراهيم بن المهدي علي وقال : ويحك يا إسحاق أتجترئ على وتقول لي ما قلت يا ابن الفاعلة لا يكنى . فداخلني ما لم أملك نفسي معه ، فقلت له : أنت تشتمني ولا أقدر على إجابتك وأنت ابن الخليفة وأخو الخليفة ، ولولا ذلك لقلت لك : يا ابن الزانية كما قلت لي يا ابن الزانية . أو تراني كنت لا أحسن أن أقول : يا ابن الزانية ولكن قولي في ذمك ينصرف كله إلى خالك الأعلم ، ولولاك لذكرت صناعته ومذهبه - قال إسحاق : وكان بيطاراً - قال : ثم سكت ، وعلمت أن إبراهيم

الصفحة 6