كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 61 """"""
وإني وإن فندت في طلب الصبا . . . لأعلم أني لست في الحب أوحدا
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى . . . فكن حجراً من يابس الصخر جلمدا
فما العيش إلا ما تلذ وتشتهي . . . وإن لام فيه ذو الشنان وفندا قال : فلما كان في يوم الجمعة تعرضت له حبابة عند خروجه إلى الصلاة ، فلقيته والعود في يدها ، فغنت البيت الأول ، فغطى وجهه وقال : مه لا تفعلي . ثم غنت وما العيش إلا ما تلذ وتشتهي فعدل إليها وقال : صدقت ، قبح الله من لامني فيك يا غلام ، مر مسلمة فليصل بالناس . وأقام معها يشرب وهي تغنيه وعاد إلى حاله ، وقال لها : من يقول هذا الشعر ؟ قالت : الأحوص . فاستدعاه واستنشده الشعر فأنشده الأبيات . ثم أنشده قصيدته التي أولى :
يا موقدة النار بالعلياء من إضم . . . أوقد فقد هجت شوقاً غير منصرم
وهي قصيدةٌ طويلة ، فقال له يزيد : ارفع حوائجك ، فكتب إليه في نحو أربعين ألف درهم من دينٍ وغيره فأمر له بها . وقد قيل في أمر هذه الأبيات : إن حبابة لما بعثت للأحوص في عمل الشعر قالت له : إن رددت أمير المؤمنين عن رأيه فلك ألف دينار ، فدخل عليه الأحوص واستأذنه في الإنشاد ، فقال : ليس هذا وقتك . فلم يزل به حتى أذن له فأنشده الأبيات . فلما سمعها وثب حتى دخل على حبابة وهو يتمثل :
وما العيش إلا ما تلذ وتشتهي . . . وإن لام فيه ذو الشنان وفندا
قالت : ما ذاك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أبياتٌ أنشدنيها الأحوص ، فسلي ما شئت . قالت : ألف دينارٍ تعطيها الأحوص ، فأعطاه ألف دينار .
قال : وقال يزيد يوماً لسلامة وحبابة : أيكما غنتني ما في نفسي فلها حكمها . فغنت سلامة فلم تصب ما في نفسه ، وغنت حبابة بشعر ابن قيس

الصفحة 61