كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 63 """"""
بالنوى يعني اللوبيا وأمر له يزيد بصلاتٍ في دفعاتٍ مبلغها ثمانية آلاف دينار .
وحكى أيضاً أنها غنت يوماً يزيد فطرب ، ثم قال : هل رأيت أطرب مني ؟ قالت : نعم ، مولاي الذي باعني . فغاظه ذلك ، فكتب في حمله مقيداً . فلما وصل أمر يزيد بإدخاله عليه فأدخل يرسف في قيوده ، وأمر يزيد حبابة أن تغني فغنت :
تشط بنا دار جيراننا . . . وللدار بعد غدٍ أبعد
فوثب حتى ألقى نفسه على الشمعة فاحترقت لحيته ، وجعل يصيح : الحريق يا أولاد الزنا فضحك يزيد وقال : لعمري إن هذا لأطرب الناس وأمر بحل قيوده ووصله بألف دينارٍ ووصلته حبابة ، ورده إلى المدينة . وروى أبو الفرج الأصفهاني بسنده إلى غانم الأزدي قال : نزل يزيد بن عبد الملك ببيت رأس بالشام ومعه حبابة ، فقال : زعموا أنه لا يصفوا لأحدٍ يوماً عيشه إلى الليل لا يكدره شيءٌ عليه ، وسأجرب ذلك ، ثم قال لمن معه : إذا كان غدٌ لا تخبروني بشيءٍ ولا تأتوني بكتابٍ . وخلا هو وحبابة ، فأتيا بما يأكلان ، فأكلت رمانة فشرقت بحبة منها فماتت ، فأقام لا يدفنها ثلاثاً حتى تغيرت وأنتنت وهو يشمها ويرشفها . فعاتبه على ذلك ذووه وأقرباؤه وصديقه وعابوا عليه ما يصنع ، وقالوا : قد صارت جيفةً بين يديك ، فأذن لهم في غسلها ودفنها ، فأخرجت في نطع ، وخرج معها لا يتكلم حتى جلس على قبرها . فلما دفنت قال : أصبحت والله كما قال كثير :
فإن تسل عنك النفس أو تدع الهوى . . . فباليأس تسلو عنك لا بالتجلد
وكل خليلٍ راءني فهو قائلٌ . . . من أجلك هذا هامة اليوم أو غد