كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 64 """"""
فما بقي إلا خمس عشرة ليلةً ومات ، فدفن إلى جنبها .
وروي أيضاً عن مسلمة بن عبد الملك قال : لما ماتت حبابة جزع عليها يزيد ، فجعلت أسكنه وأعزيه وهو ضاربٌ بذقنه على صدره ما يكلمني حتى دفنها . فلما بلغ إلى بابه التفت وقال : فإن تسل عنك النفس . . . البيت ، ثم دخل بيته فمكث أربعين يوماً ثم هلك .
قال : وروي المدائني انه اشتاق إليها بعد ثلاثة أيامٍ من دفنه إياها ، فقال : لا بد أن تنبش حتى أنظر إليها ، فنبشت وكشف له عن وجهها وقد تغيرت تغيراً قبيحاً ، فقيل له : يا أمير المؤمنين ، اتق الله تعالى ألا تراها كيف صارت فقال : ما رأيت قط أحسن منها اليوم ، أخرجوها . فجاء مسلمة ووجوه أهله ، فلم يزالوا به حتى أزالوه عن ذلك ودفنوها ، وانصرف ، وكمد كمداً شديداً حتى مات ، فدفن إلى جانبها .
وروي عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : خرجت مع أبي إلى الشام زمن يزيد بن عبد الملك . فلما ماتت حبابة وأخرجت ، لم يستطع يزيد الركوب من الجزع ولا المشي ، فحمل على منبر على رقاب الرجال . فلما دفنت قال : لم أصل عليها ، انبشوا عنها . فقال له مسلمة : ننشدك الله يا أمير المؤمنين ، إنما هي أمةٌ من الإماء وقد واراها الثرى . فلم يأذن للناس بعد حبابة إلا مرةً واحدةً ، قال : فو الله ما استتم دخول الناس حتى قال الحاجب : اخرجوا رحمكم الله . ولم ينشب يزيد أن مات كمداً .
ذكر أخبار خليدة المكية
قال أبو الفرج : هي مولاةٌ لابن شماس ، كانت هي وعقيلة وربيحة يعرفن بالشماسيات . وقد أخذت الغناء عن ابن سريجٍ ومالكٍ ومعبد .