كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 68 """"""
قد كان لي فيك هوىً مرةً . . . غيبه الترب وما ملا
فصرت أبكي بعده جاهداً . . . عند ادكاري حيث قد حلا
والعيش أولى ما بكاه الفتى . . . لا بد للمحزون أن يسلى
قال : ثم بكت حتى سقطت من قامتها ، وجعل النسوة يناشدنها ويقلن : الله الله في نفسك فإنك الآن تؤخذين . فبعد لأي ما احتملت تتهادى بين امرأتين حتى تجاوزت الموضع .
وحكي عنها قالت : بعث إلي المعتصم بعد قدومه بغداد ، فلما دخلت أمر بالعود فوضع في حجري ، وأمرني بالغناء فغنيت :
هل مسعدٌ لبكائي . . . بعبرةٍ أو دماء
وذاك شيءٌ قليلٌ . . . لسادتي النجباء
- وهذا الشعر لمراد جارية علي بن هشام ترثيه - فقال : اعدلي عن هذا الصوت ، فغنيت :
ذهبت عن الدنيا وقد ذهبت عني فدمعت عيناه وقال : غني غير هذا ، فغنيت :
أولئك قومي بعد عزٍ وثروةٍ . . . تفانوا فإلا تذرف العين أكمد
فبكى بكاءً شديداً ، ثم قال : ويحك لا تغني في هذا المعنى شيئاً . فغنيته :
لا تأمن الموت في حلٍ وفي حرم . . . إن المنايا يجني كل إنسان
واسلك طريقك هوناً غير مكترثٍ . . . فسوف يأتيك ما يمني لك الماني

الصفحة 68